سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٤٩٣
ولد بعد السبعين ومئتين.
وسمع من: أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، وابن خزيمة وعدة ببلده، والحسن بن سفيان بن سالم، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد، وهذه الطبقة. وتفقه بأبي العباس بن سريج، وهو صاحب وجه في المذهب.
ومن أغرب ما أتى به أنه قال: من كرر الفاتحة مرتين بطلت صلاته، وهذا خلاف نص الامام.
وقال: الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم، والتزم أنه هو المذهب لصحة الأحاديث فيه. وهذا فيه نظر، لان الامام (1) ما ضعف الأحاديث، بل ادعى نسخها (2).

(1) أي الشافعي رحمه الله.
(2) وهذا هو الصحيح، فقد قال ابن حزم فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " 4 / 155:
صح حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " بلا ريب، ولكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح فوجب الاخذ به، لان الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما. قال الحافظ: والحديث المذكور أخرجه النسائي وابن خزيمة (1967) والدارقطني ص 239، ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني ص 239، ولفظه: أول ما كرهت الحجامة للصائم، ثم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " أفطر هذان "، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم، ورواته كلهم ثقات من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكر، لان فيه أن ذلك كان في الفتح، وجعفر كان قتل قبل ذلك، ومن أحسن ما ورد في ذلك ما رواه عبد الرزاق (7535)، وأبو داود (2374) من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه، وإسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر. وقوله: " إبقاء على أصحابه " يتعلق بقوله: " نهى " وانظر: " نصب الراية " 2 / 472، 473، و " الفتح " 4 / 153، 156، و " تلخيص الحبير " 2 / 191، 194.
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»