سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٤١٠
معهم على دعواهم فيها سوى ظن وخيال، ولا وجود لتلك الأحوال من الفناء والمحو والصحو والسكر إلا مجرد خطرات ووساوس، ما تفوه بعباراتهم صديق، ولا صاحب، ولا إمام من التابعين. فان طالبتهم بدعاويهم مقتوك، وقالوا: محجوب، وإن سلمت لهم قيادك تخبط ما معك من الايمان، وهبط بك الحال على الحيرة والمحال، ورمقت العباد بعين المقت، وأهل القرآن والحديث بعين البعد، وقلت: مساكين محجوبون.
فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فإنما التصوف والتأله والسلوك والسير والمحبة ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من الرضا عن الله، ولزوم تقوى الله، والجهاد في سبيل الله، والتأدب بآداب الشريعة من التلاوة بترتيل وتدبر، والقيام بخشية وخشوع، وصوم وقت، وإفطار وقت، وبذل المعروف، وكثرة الايثار، وتعليم العوام، والتواضع للمؤمنين، والتعزز على الكافرين، ومع هذا فالله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والعالم إذا عري من التصوف والتأله، فهو فارغ، كما أن الصوفي إذا عري من علم السنة، زل عن سواء السبيل.
وقد كان ابن الأعرابي من علماء الصوفية، فتراه لا يقبل شيئا من اصطلاحات القوم إلا بحجة.
توفي بمكة في شهر ذي القعدة سنة أربعين وثلاث مئة. وله أربع وتسعون سنة وأشهر.
أخبرنا علي بن أحمد العلوي، ومحمد بن الحسين القرشي، قالا:
أخبرنا محمد بن عماد، أخبرنا عبد الله بن رفاعة، أخبرنا علي بن الحسن
(٤١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 ... » »»