سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٢٧٧
وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان ابن الأنباري زاهدا متواضعا، حكى الدارقطني أنه حضره، فصحف في اسم، قال: فأعظمت أن يحمل عنه وهم (1) وهبته، فعرفت مستمليه. فلما حضرت الجمعة الأخرى، قال ابن الأنباري لمستمليه: عرف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني، ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب (2).
وقيل: إن ابن الأنباري - على ما بلغني - أملى " غريب الحديث " في خمسة وأربعين ألف ورقة. فإن صح هذا، فهذا الكتاب يكون أزيد من مئة مجلد. وكتاب " شرح الكافي " له ثلاث مجلدات كبار. وله كتاب " الجاهليات " في سبع مئة ورقة (3).
وقد كان أبوه القاسم بن محمد الأنباري محدثا أخباريا علامة من أئمة الأدب (4).
أخذ عن: سلمة بن عاصم، وأبي عكرمة الضبي.

(١) أي: غلط.
(٢) " تاريخ بغداد ": ٣ / ١٨٤.
وفي هذه القصة تتجلى الروح العلمية بين أهل العلم في ذلك العصر الذهبي، فالدارقطني - رحمه الله، حين علم بخطأ ابن الأنباري لم يلجأ إلى التشهير به بين طلبته، وإنما لفت نظر مستمليه، والشيخ ابن الأنباري لم تأخذه العزة بالاثم، وإنما رجع عن الخطأ على رؤوس الاشهاد، وأمر الطلبة بإصلاحه، ونسب الفضل إلى أهله، ويا ليت طلبة العلم في هذا العصر يأخذون بهذا الأدب الاسلامي الرائع.. الذي يجعل الحقيقة العلمية فوق كل اعتبار.
(٣) " تاريخ بغداد ": ٣ / ١٨٤.
(٤) له ترجمة في " الفهرست ": 112، و " طبقات النحويين واللغويين: 228.
" تاريخ بغداد ": 12 / 440 - 441، " معجم الأدباء ": 16 / 316 - 319، " انباه الرواة ": 3 / 28.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»