فقطعا يديه، وشقا جوفه، وحملاه في عباءة له إلى ابن دواس، وقتلا الصبي، وأتى به ابن دواس إلى أخته فدفنته في مجلس سرا (1). وطلبت الوزير واستكتمته، وأن يطلب ولي العهد عبد الرحيم ليسرع، وكان بدمشق، وجهزت أميرا في الطريق ليقبض على عبد الرحيم، ويدعه بتنيس، وفقد الحاكم، وماج الخلق، وقصدوا الجبل، فما وقفوا له على أثر. وقيل: بل وجدوا حماره معرقبا (2)، وجبته بالدماء، وقيل: قالت أخته: إنه أعلمني أنه يغيب في الجبل أسبوعا، ورتبت ركابيه يمضون ويعودون، فيقولون: فارقناه بمكان كذا وكذا، ووعدنا إلى يوم كذا. وأقبلت ست الملك تدعو الامراء وتستحلفهم، وتعطيهم الذهب، ثم ألبست علي بن الحاكم أفخر الثياب، وقالت لابن دواس: المعول في قيام دولته عليك، فقبل الأرض، وأبرزت الصبي، ولقبته الظاهر لاعزاز دين الله. وألبسته تاج جدها المعز، وأقامت النياحة على الحاكم ثلاثة أيام، وجعلت القواعد كما في النفس، وبالغت في تعظيم ابن دواس، ثم رتبت له في الدهليز مئة، فهبروه، وقتلت جماعة ممن اطلع على سرها، فعظمت هيبتها، وماتت بعد ثلاث سنين (3).
وذكرنا في ترجمته (4)، أنه خرج من القصر فطاف ليلته، ثم أصبح، فتوجه إلى شرقي حلوان معه ركابيان. فرد أحدهما مع تسعة من العرب، ثم أمر الآخر بالانصراف. فزعم أنه فارقه عند المقصبة (5). فكان آخر العهد