سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٣٨٠
قلت: ما هؤلاء بكذبة، بل أئمة أثبات، وإنما الشيخ تكلم على حسب ما نقل له عنهم. فقبح الله من ينقل البهتان، ومن يمشي بالنميمة.
قال الحاكم: وسمعت محمد بن أحمد بن بالويه، سمعت ابن خزيمة يقول: من زعم بعض هؤلاء الجهلة: أن الله لا يكرر الكلام، فلا هم يفهمون كتاب الله. إن الله قد أخبر في مواضع أنه خلق آدم، وكرر ذكر موسى، وحمد نفسه في مواضع، وكرر (فبأي آلاء ربكما تكذبان) [سورة الرحمن] ولم أتوهم أن مسلما يتوهم أن الله لا يتكلم بشئ مرتين، وهذا قول من زعم أن كلام الله مخلوق، ويتوهم أنه لا يجوز أن يقول: خلق الله شيئا واحدا مرتين.
قال الحاكم: سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول: لما وقع من أمرنا ما وقع، وجد أبو عبد الرحمن ومنصور الطوسي الفرصة في تقرير مذهبهم، واغتنم أبو القاسم، وأبو بكر بن علي، والبردعي السعي في فساد الحال، انتصب أبو عمرو الحيري للتوسط فيما بين الجماعة، وقرر لأبي بكر بن خزيمة اعترافنا له بالتقدم، وبين له غرض المخالفين في فساد الحال، إلى أن وافقه على أن نجتمع عنده، فدخلت أنا، وأبو علي، وأبو بكر بن أبي عثمان، فقال له أبو علي الثقفي: ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟ قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب (1)، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره. حتى طال الخطاب بينه وبين أبي علي في هذا الباب، فقلت: قد جمعت أنا أصول مذاهبنا في طبق، فأخرجت إليه الطبق، فأخذه وما زال يتأمله وينظر فيه، ثم قال: لست أرى هاهنا شيئا لا

(1) سبق التعريف به في الحاشية (1) من الصفحة (378).
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»