سألت ابن أبي داود عن حديث الطير (1)، فقال: إن صح حديث الطير فنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - باطل، لأنه حكى عن حاجب النبي - صلى الله عليه وسلم - خيانة - يعني أنسا - وحاجب النبي لا يكون خائنا (2).
قلت: هذه عبارة رديئة، وكلام نحس، بل نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - حق قطعي، إن صح خبر الطير، وإن لم يصح، وما وجه الارتباط؟ هذا أنس قد خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحتلم، وقبل جريان القلم، فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة. فرضنا أنه كان محتلما، ما هو بمعصوم من الخيانة، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولا، ثم إنه حبس عليا عن الدخول كما قيل، فكان ماذا؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت، فلو حبسه، أو رده مرات، ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلا، اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد بقوله: " إيتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي " عددا من الخيار، يصدق على مجموعهم أنهم أحب الناس إلى الله، كما يصح