سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٦٠٣
ونقل القاضي ابن خلكان أن ابن طولون كان ينفذ إلى بكار في العام ألف دينار، سوى المقرر له، فيتركها بختمها، فلما دعاه إلى خلع الموفق، طالبه بجملة المال، فحمله إليه بختومه ثمانية عشر كيسا، فاستحيا ابن طولون عند ذلك، ثم أمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري، ففعل، واستخلفه، وكان يحدث من طاقة السجن، لان أصحاب الحديث طلبوا ذلك من أحمد، فأذن لهم على هذه الصورة (1).
قال ابن خلكان: وكان بكار تاليا للقرآن، بكاء صالحا دينا، وقبره مشهور قد عرف باستجابة الدعاء عنده (2).
قال الطحاوي: كان على نهاية في الحمد على ولايته، وكان ابن طولون على نهاية في تعظيمه وإجلاله إلى أن أراد منه خلع الموفق، قال:
فلما رأى أنه لا يلتئم له ما يحاوله ألب عليه (3) سفهاء الناس، وجعله لهم خصما، فكان يقعد له من يقيمه، مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحجة لنفسه، ثم حبسه في دار، فكان كل جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة، ويمشي إلى الباب، فيقولون له الموكلون (4) به: ارجع، فيقول: اللهم اشهد.
قال أبو عمر الكندي: قدم بكار قاضيا من قبل المتوكل في جمادى

(١) " وفيات الأعيان " ١ / ٢٨٠ ونقلها عنه ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة " ٣ / ١٩.
(٢) " وفيات الأعيان " ١ / ٢٧٩ و ٢٨٠.
(٣) في الأصل: عليها.
(٤) كذا الأصل، وهي لغة لطئ، وهي لغة ثابتة، خرجوا عليها قوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا) على أحد المذاهب، ومثله: " يتعاقبون فيكم ملائكة ". وقال سيبويه:
لغة " أكلوني البراغيث " ليست في القرآن. قال: والضمير في (وأسروا النجوى) فاعل.
و " الذين ": بدل منه.
(٦٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 ... » »»