قل له: شيخ فإن وعليل مدنف، والملتقى قريب، والقاضي الله عز وجل. فأبلغها الرسول أحمد، فأطرق، ثم أقبل يكرر ذلك على نفسه، ثم أمر بنقله من السجن إلى دار اكتريت له، وفيها كان يحدث، فلما مات الملك قيل لأبي بكرة: انصرف إلى منزلك، فقال: هذه الدار بأجرة، وقد صلحت لي، فأقام بها (1).
قال الطحاوي: فأقام بها بعد أحمد أربعين يوما ومات.
قلت: كان ولي العهد الموفق قد استبد بالأمور، وضيق على أخيه الخليفة المعتمد.
قال الصولي: تخيل المعتمد من أخيه، فكاتب أحمد بن طولون، واتفقا، وقال المعتمد:
أليس من العجائب أن مثلي * يرى ما قل ممتنعا عليه وتؤكل باسمه الدنيا جميعا * وما من ذاك شئ في يديه؟!! (2) فبلغنا أن ابن طولون جمع العلماء والأعيان، وقال: قد نكث الموفق أبو أحمد بأمير المؤمنين، فاخلعوه من العهد فخلعوه، إلا بكار بن قتيبة.
وقال: أنت أوردت علي كتاب المعتمد بتوليته العهد، فهات كتابا آخر منه بخلعه. قال: إنه محجور عليه ومقهور؟ قال: لا أدري. فقال له: غرك الناس بقولهم: ما في الدنيا مثل بكار، أنت قد خرفت وقيده وحبسه، وأخذ منه جميع عطائه من سنين، فكان عشرة آلاف دينار، فقيل: إنما وجدت بختومها وحالها. وبلغ ذلك الموفق، فأمر بلعن ابن طولون على المنابر.