وفي سنة ثمان وستين تتابع أجناد الخبيث في الخروج إلى الموفق، وهو يحسن إليهم. وأتاه جعفر السجان صاحب سر الخبيث، فأعطاه ذهبا كثيرا، فركب في سفينة حتى حاذى قصر الخبيث، فصاح إلى متى تصبرون على الخبيث الكذاب؟ وحدثهم بما اطلع عليه من كذبه وكفره، فاستأمن خلق. ثم زحف الموفق على البلد، وهد من السور أماكن، ودخل العسكر من أقطارها، واغتروا، فكر عليهم الزنج، فأصابوا منهم، وغرق خلق. ورد الموفق إلى بلده حتى رم شعثه، وقطع الجلب عن الخبيث، حتى أكل أصحابه الكلاب والميتة، وهرب خلق، فسألهم الموفق، فقالوا: لنا سنة لم نر الخبز، وقتل بهبود أكبر أمراء الخبيث، وقتل الخبيث ولده لكونه هم أن يخرج إلى الموفق، وشد على أحمد الخجستاني غلمانه فقتلوه، وغزا الناس مع خلف التركي، فقتلوا من الروم بضعة عشر ألفا.
وفي سنة تسع دخل الموفق المختارة عنوة، ونادى الأمان، وقاتل حاشية الخبيث دونه أشد قتال، وحاز الموفق خزائن الخبيث، وألقى النار في جوانب المدينة، وجرح الموفق بسهم، فأصبح على الحرب، وآلمه جرحه، وخافوا، فخرجوا حتى عوفي (1)، ورم الخبيث بلده.
وفي السنة خرج المعتمد من سامراء ليلحق بصاحب مصر أحمد بن طولون، وكان بدمشق، فبلغ ذلك الموفق، فأغرى بأخيه إسحاق بن كنداج، فلقي المعتمد بين الموصل والحديثة، وقال: يا أمير المؤمنين، ما هذا؟
فأخوك في وجه العدو وأنت تخرج من مقر عزك! ومتى علم بهذا ترك مقاومة عدوك، وتغلب الخارجي على ديار آبائك. وهذا كتاب أخيك