قال عبد الله بن أحمد: سئل أبي، وأنا أسمع عن اللفظية والواقفة، فقال: من كان منهم يحسن الكلام، فهو جهمي.
الحكم بن معبد: حدثني أحمد الدورقي، قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في هؤلاء الذين يقولون: لفظي بالقرآن مخلوق؟ فرأيته استوى واجتمع، وقال: هذا شر من قول الجهمية. من زعم هذا، فقد زعم أن جبريل تكلم بمخلوق، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمخلوق.
فقد كان هذا الامام لا يرى الخوض في هذا البحث خوفا من أن يتذرع به إلى القول بخلق القرآن، والكف عن هذا أولى. آمنا بالله تعالى، وبملائكته، وبكتبه، ورسله، وأقداره، والبعث، والعرض على الله يوم الدين. ولو بسط هذا السطر، وحرر وقرر بأدلته لجاء في خمس مجلدات، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه، والقرآن فيه (1) شفاء ورحمة للمؤمنين، ومعلوم أن التلفظ شئ من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشئ المقروء، والتلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلو، وصوت القارئ من كسبه فهو يحدث التلفظ والصوت والحركة والنطق، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن، ولا ترتيبه، ولا تأليفه، ولا معانيه.
فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطرفين إذ كل واحد من إطلاق الخلقية وعدمها على اللفظ موهم، ولم يأت به كتاب ولا سنة بل الذي لا نرتاب فيه أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. والله أعلم.