سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ١٧٠
قال عون بن محمد الكندي: لعهدي بالكرخ، ولو أن رجلا قال: ابن أبي دواد مسلم، لقتل. ثم وقع الحريق في الكرخ، فلم يكن مثله قط. فكلم ابن أبي دواد المعتصم في الناس، ورققه إلى أن أطلق له خمسة آلاف ألف درهم، فقسمها على الناس، وغرم من ماله جملة. فلعهدي بالكرخ، ولو أن إنسانا، قال: زر أحمد بن أبي دواد وسخ، لقتل.
ولما مات، رثته الشعراء، فمن ذلك:
وليس نسيم المسك ريح حنوطه * ولكنه ذاك الثناء المخلف وليس صرير النعش ما تسمعونه * ولكنه أصلاب قوم تقصف (1) وقد كان ابن أبي دواد يوم المحنة إلبا على الإمام أحمد، يقول: يا أمير المؤمنين، اقتله، هو ضال مضل.
قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي، سمعت بشر بن الوليد، يقول:
استتبت أحمد بن أبي دواد من قوله: القرآن مخلوق في ليلة ثلاث مرات، ثم يرجع.
قال الخلال: حدثنا محمد بن أبي هارون، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، قال: حضرت العيد مع أحمد بن حنبل، فإذا بقاص يقول: على ابن أبي دواد اللعنة، وحشا الله قبره نارا. فقال أبو عبد الله: ما أنفعهم للعامة.
وقد كان ابن أبي دواد محسنا إلى علي بن المديني بالمال، لأنه بلدية ولشئ آخر، وقد شاخ ورمي بالفالج، وعاده عبد العزيز الكناني (2)، وقال: لم

(١) البيتان في " النجوم الزاهرة " ٢ / ٢٠٣، وفي " تاريخ بغداد " ٤ / ١٥١، و " الوافي بالوفيات " ٧ / ٢٨٤، و " وفيات الأعيان " ١ / ٩٠. والرواية في المصدرين الأخيرين: " فتيق المسك " بدل " نسيم المسك ".
(٢) هو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الكناني المكي، من تلامذة الإمام الشافعي المقتبسين منه، المعترفين بفضله. وكان يلقب بالغول لدمامته. وقدم بغداد في أيام المأمون، فجرت بينه وبين بشر المريسي مناظرة في القرآن. له عدة تصانيف، وهو صاحب كتاب " الحيدة "، إلا أن المؤلف في " ميزانه " 2 / 639 قال: لا يصح إسناده إليه، فكأنه وضع عليه.
مترجم في " التهذيب ". توفي سنة 240 ه‍.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»