سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٤٩٤
و " الغريب المصنف " (1) من أجل كتبه في اللغة، احتذى فيه كتاب النضر بن شميل، المسمى بكتاب " الصفات " بدأ فيه بخلق الانسان، ثم بخلق الفرس، ثم بالإبل، وهو أكبر من كتاب أبي عبيد وأجود.
قال: ومنها كتابه في " الأمثال " (2) أحسن تأليفه، وكتاب " غريب الحديث " ذكره بأسانيده، فرغب فيه أهل الحديث، وكذلك كتابه في " معاني القرآن " حدث بنصفه، ومات (3).
وله كتب في الفقه، فإنه عمد إلى مذهب مالك والشافعي، فتقلد أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وجمعه من رواياته، وحسنها باللغة والنحو. وله في القراءات كتاب جيد، ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله، وكتابه في " الأموال " من أحسن ما صنف في الفقه وأجوده (4).

(١) لم يطبع بعد، ومنه نسختان بدار الكتب المصرية، ونسخة بمكتبة الفاتح بتركيا.
يقول الدكتور حسين نصار في " المعجم العربي " ١ / ١٨٥، ١٨٦: إنه اعتمد فيه على الكتب المؤلفة قبله في الموضوعات المفردة، وخاصة كتب الأصمعي وأبي زيد وأبي عبيدة والكسائي وغيرهم، وأدخلها برمتها في كتبه وأبوابه، واتبع ترتيبها في بعض الأحيان، والتزم أن ينسب كل قول إلى صاحبه، وأن ينبه على المواضع التي اتفق فيها اللغويون التزام التنبيه على مواضع الخلاف، أما شواهده فهي ما استقاه من غيره مع الاختصار أحيانا، وتتألف من القرآن والشعر والأقوال، وفي قليل من الأحيان من الحديث، وإذن ففضل أبي عبيد في جمع الموضوعات الخاصة في كتاب واحد، وفي جمع الكتب المختلفة في الموضوع الواحد في كتاب واحد وأبواب واحدة من كتابه، ولكن ليس من العدل أن نقول مع ابن النديم: إنه أخذ كتابه من النضر بن شميل، أو مع أبي الطيب اللغوي: إنه اعتمد فيه على رجل من بني هاشم، فالرجال الذين اعتمد عليهم صرح بأسمائهم، ولم يحاول أن يخفي ذلك، وكان يعتبر ذلك شكرا للعلم، ولا مانع عندنا أن يكون نظام الغريب مشابها لنظام كتاب النضر، وبالرغم من ذلك فإن فهرس ما يضمه من كتب يبين بوضوح مدى الإضافات والموضوعات الجديدة التي ضمها الغريب المصنف ولم تكن في " صفات " النضر.
(2) طبع مع شرحه " فصل المقال " لأبي عبيد البكري بتحقيق الدكتورين إحسان عباس وعبد المجيد عابدين سنة 1390 ه‍، 1971 م.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 404، 405. (4) " تاريخ بغداد " 12 / 405.
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»