سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ٤٩٣
البصريين، والعلماء بالقراءات، ومن جمع صنوفا من العلم، وصنف الكتب في كل فن أبو عبيد. وكان مؤدبا لأهل هرثمة (1)، وصار في ناحية عبد الله بن طاهر، وكان ذا فضل ودين وستر، ومذهب حسن، روى عن أبي زيد، وأبي عبيدة، والأصمعي، واليزيدي، وغيرهم من البصريين، وروى عن ابن الأعرابي، وأبي زياد الكلابي، والأموي، وأبي عمرو الشيباني، والأحمر (2).
نقل الخطيب في " تاريخه " وغيره: أن طاهر بن الحسين حين سار إلى خراسان، نزل بمرو، فطلب رجلا يحدثه ليلة، فقيل: ما هاهنا إلا رجل مؤدب، فأدخلوا عليه أبا عبيد، فوجده أعلم الناس بأيام الناس والنحو واللغة والفقه. فقال له: من المظالم تركك أنت بهذه البلدة، فأعطاه ألف دينار، وقال له: أنا متوجه إلى حرب، وليس أحب استصحابك شفقا عليك، فأنفق هذه إلى أن أعود إليك، فألف أبو عبيد " غريب المصنف " وعاد طاهر بن الحسين من ثغر خراسان، فحمل معه أبا عبيد إلى سر من رأى، وكان أبو عبيد ثقة دينا ورعا كبير الشأن (3).
قال ابن درستويه: ولأبي عبيد كتب لم يروها، قد رأيتها في ميراث بعض الطاهرية تباع كثيرة في أصناف الفقه كله، وبلغنا أنه كان إذا ألف كتابا أهداه إلى ابن طاهر، فيحمل إليه مالا خطيرا (4). وذكر فصلا إلى أن قال:

(1) أي هرثمة بن أعين الأمير الذي قتله المأمون سنة 200 ه‍، انظر أخباره في " تاريخ الطبري " 8 / 542، و " الكامل " لابن الأثير 6 / 314.
(2) " تاريخ بغداد " 12 / 404، و " طبقات الحنابلة " 1 / 260، 261.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 406.
(4) " تاريخ بغداد " 12 / 404، و " نزهة الألباء ": 137، و " طبقات الحنابلة " 1 / 261، و " معجم الأدباء " 16 / 255، و " إنباه الرواة " 3 / 13.
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»