سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٣٠
القضاء، فقال: أيها القاضي، قد سررت أمير المؤمنين اليوم، وأمر لك بمال، فما كان السبب في هذا؟ قال: تمم الله سرور أمير المؤمنين، وأحسن حفظه وكلاءته، ما زدت على ما أفعل كل يوم. قال: على ذلك؟ قال: ما أعلم إلا أن يكون سجلت على مرزبان المجوسي بما وجب عليه. قال: فمن هذا سر أمير المؤمنين. فقال حفص: الحمد لله كثيرا. فقالت أم جعفر لهارون: لا أنا ولا أنت إلا أن تعزل حفصا، فأبى عليها، ثم ألحت عليه، فعزله عن الشرقية، وولاه قضاء الكوفة، فمكث عليها ثلاث عشرة سنة (1).
قال: وكان أبو يوسف لما ولي حفص، قال لأصحابه: تعالوا نكتب نوادر حفص، فلما وردت أحكامه وقضاياه على أبي يوسف، قال له أصحابه: أين النوادر التي زعمت تكتبها؟، قال: ويحكم، إن حفصا أراد الله، فوفقه (2).
قال أحمد بن حنبل: رأيت مقدم فم حفص بن غياث مضببة أسنانه بالذهب.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول في حديث حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " خمروا وجوه موتاكم، ولا تشبهوا باليهود " (3) فأنكره أبي، وقال: أخطأ، قد حدثناه حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء مرسلا.

(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 8 / 190، 193.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 193.
(3) رجاله ثقات إلا أن فيه تدليس ابن جريج، وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 24، 25 وقال: رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات، ولم ينبه على تدليس ابن جريج.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»