سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٩ - الصفحة ٢٢٨
قال حجاج بن رشدين: سمعت عبد الله بن وهب يتذمر ويصيح، فأشرفت عليه من غرفتي، فقلت: ما شأنك يا أبا محمد؟ قال: يا أبا الحسن، بينما أنا أرجو أن أحشر في زمرة العلماء، أحشر في زمرة القضاة.
قال: فتغيب في يومه، فطلبوه.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا حرملة: سمعت ابن وهب يقول: نذرت إني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما، فأجهدني، فكنت أغتاب وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة (1).
قلت: هكذا والله كان العلماء وهذا هو ثمرة العلم النافع، وعبد الله حجة مطلقا، وحديثه كثير في الصحاح، وفي دواوين الاسلام، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول: وابن وهب ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثا منكرا.
قلت: أكثر في تواليفه من المقاطيع والمعضلات، وأكثر عن ابن سمعان وبابته، وقد تمعقل بعض الأئمة على ابن وهب في أخذه للحديث، وأنه كان يترخص في الاخذ، وسواء ترخص ورأى ذلك سائغا، أو تشدد، فمن يروي مئة ألف حديث، ويندر المنكر في سعة ما روى، فإليه المنتهى في الاتقان.
قال أبو الطاهر بن عمرو: جاءنا نعي ابن وهب، ونحن في مجلس سفيان بن عيينة، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أصيب به المسلمون عامة، وأصبت به خاصة (2).

(1) " ترتيب المدارك " 2 / 431.
(2) " ترتيب المدارك " 2 / 423.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»