يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام، عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه.
قال أبي: أخبرني خادمه أنه عمل آخر سفرة سافرها دعوة، فقدم إلى الناس خمسة وعشرين خوانا فالوذج. فبلغنا أنه قال للفضيل: لولاك وأصحابك ما اتجرت. وكان ينفق على الفقراء في كل سنة مئة ألف درهم (1).
علي بن خشرم: حدثني سلمة بن سليمان قال: جاء رجل إلى ابن المبارك، فسأله أن يقضي دينا عليه، فكتب له إلى وكيل له، فلما ورد عليه الكتاب، قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه؟ قال: سبع مئة درهم، وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم، فراجعه الوكيل، وقال: إن الغلات قد فنيت، فكتب إليه عبد الله: إن كانت الغلات قد فنيت، فإن العمر أيضا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي (2).
قال محمد بن المنذر: حدثني يعقوب بن إسحاق، حدثني محمد بن عيسى، قال: كان ابن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس، وكان ينزل الرقة في خان، فكان شاب يختلف إليه، ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، فقدم عبد الله مرة، فلم يره، فخرج في [النفير] مستعجلا، فلما