سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٣٠٩
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله لأفرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض مهلكة كاد يقتله العطش " وهذا حديث جيد الاسناد، ومتنه في الصحيح (1) من وجه آخر.
وقد روى الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن إبراهيم بن سعد نحوا من عشرة أحاديث.
وكان إبراهيم يجيد صناعة الغناء.
وقد ذكره ابن عدي في " كامله " وساق له عدة أحاديث استنكرها له.
فمن أنكر ذلك: قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن أنس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الأئمة من قريش " (2) فقال: ليس ذا في كتب إبراهيم، لا ينبغي أن يكون له أصل.
قلت: رواه غير واحد، عن إبراهيم بن سعد.

(١) أخرجه مسلم (٢٦٧٥) في أول التوبة من حديث أبي هريرة، وأخرجه البخاري ١١ / ٩١، ٩٢ في الدعوات: باب التوبة، ومسلم (2747) من حديث أنس بن مالك، وأخرجه البخاري 11 / 89، 90، ومسلم (2744) من حديث النعمان بن بشير، و (2746) من حديث البراء بن عازب. وقوله: مهلكة: يفتح الميم واللام: أي يهلك من حصل بها، ويروى بضم الميم وكسر اللام من الرباعي: أي تهلك هي من يحصل بها. وقال القرطبي وهو غير المفسر في " المفهم " 4 / 260: هذا مثل قصد به بيان سرعة قبول الله تعالى لتوبة عبده التائب، وأنه يقبل عليه بمغفرته ورحمته، ويعامله معاملة من يفرح به، ووجه هذا المثل: أن العاصي حصل بسبب معصيته في قبضة الشيطان وأسره، وقد أشرف على الهلاك، فإذا لطف الله تعالى به وأرشده للتوبة، خرج من شؤم تلك المعصية، وتخلص من أسر الشيطان، ومن المهلكة التي أشرف عليها، فأقبل الله تعالى عليه برحمته ومغفرته.
(2) أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " 2 / 163 من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الأئمة من قريش، إذا حكموا عدلوا، وإذا عاهدوا وفوا، وإن استرحموا رحموا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " وإسناده صحيح، وأخرجه أحمد 3 / 129. عن أنس.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»