سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٢١٠
قال أحمد بن حنبل: شعبة أثبت من الأعمش في الحكم، وشعبة أحسن حديثا من الثوري، قد روى عن ثلاثين كوفيا، لم يلقهم سفيان. قال:
وكان شبعة أمة وحده في هذا الشأن.
قال عبد السلام بن مطهر: ما رأيت أحدا أمعن في العبادة من شعبة رحمه الله.
قال أبو نعيم: سمعت شعبة يقول: لان أزني أحب إلي من أن أدلس (1).
وقال سليمان بن حرب: حدثنا شعبة يوما بحديث الصادق المصدوق (2)، وأحاديث نحوه، فقال رجل من القدرية: يا أبا بسطام! ألا تحدثنا نحن أيضا بشئ (3)؟ فذكر حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عن

(1) وهذا - كما قال ابن الصلاح - محمول على المبالغة والزجر. والصحيح التفصيل في أمر المدلس بين ما صرح فيه بالسماع فيقبل، وبين ما أتى فيه بلفظ محتمل فيرد. وفي " الصحيحين " من حديث جماعة من هذا الضرب، كالسفيانين والأعمش وقتادة وهشيم وغيرهم.
ونقل السيوطي في " التدريب " عن الحاكم: أن أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي وخراسان وأصبهان، وبلاد فارس وخوزستان، وما وراء النهر، لا يعلم أحد من أئمتهم دلسوا، وأكثر المحدثين تدليسا: أهل الكوفة، ونفر يسير من أهل البصرة. وأما أهل بغداد، فلم يذكر عن أحد من أهلها التدليس إلى أبي بكر بن محمد بن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي الواسطي، فهو أول من أحدث التدليس بها.
(2) أخرجه البخاري: 6 / 220 و 262، في بدء الخلق، و: 11 / 417 - 426، في القدر، ومسلم: (2643)، في أول القدر، من طرق عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود، قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما. ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك. ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك، فينفخ فيه الروح. ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها ".
(3) تاريخ الفسوي: 2 / 283، وفيه: " لا تحدثنا، نحن أيضا ننسى ".
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»