سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ١٦٥
قال سفيان بن عيينة: قالوا للأعمش: إن مسعرا يشك في حديثه. قال:
شكه كيقين غيره.
وعن خالد بن عمرو، قال: رأيت مسعرا كأن جبهته ركبة عنز من السجود، وكان إذا نظر إليك (1) حسبت أنه ينظر إلى الحائط من شدة حؤولته.
وروى ابن عيينة عن مسعر قال: دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين، فقلت: يا أمير المؤمنين! نحن لك والد، وأنت لنا - ولد وكانت جدته أم الفضل هلالية، يعني والدة ابن عباس - فقال لي: تقربت إلي بأحب أمهاتي إلي، ولو كان الناس كلهم مثلك لمشيت معهم في الطريق.
قال أبو مسهر: حدثنا الحكم بن هشام، حدثنا مسعر، قال: دعاني أبو جعفر ليوليني، فقلت: إن أهلي يقولون: لا نرضى اشتراءك لنا في شئ بدرهمين، وأنت توليني؟! - أصلحك الله - إن لنا قرابة وحقا. قال: فأعفاه.
قال سعد بن عباد: حدثنا محمد بن مسعر قال: كان أبي لا ينام حتى يقرأ نصف القرآن. وقال سفيان بن عيينة: سمعت مسعرا يقول: من أبغضني، جعله الله محدثا. وقال مسعر: من صبر على الخل والبقل، لم يستعبد.
وقال مرة لرجل رأى عليه ثيابا جيدة: ليس هذا من آلة طلب الحديث وكان طالب حديث.
قال سفيان بن عيينة: قال معن: ما رأيت مسعرا في يوم إلا وهو أفضل من اليوم الذي كان بالأمس. وقال محمد بن سعد: كان لمسعر أم عابدة، فكان يخدمها. وكان مرجئا (2)، فمات، فلم يشهده سفيان الثوري والحسن ابن صالح.

(1) في الأصل " إليه " وأثبتنا ما في " الحلية ": 7 / 214.
(2) قد يطلق الارجاء على أهل السنة والجماعة من مخالفيهم المعتزلة الذين يزعمون تخليد صاحب الكبيرة في النار، لانهم لا يقطعون بعقاب الفساق الذين يرتكبون الكبائر، ويفوضون أمرهم إلى الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ويطلق على من يقول بعدم دخول الأعمال في الايمان، وأن الايمان لا يزيد ولا ينقص - وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه - من جانب المحدثين القائلين بدخول الأعمال في مسمى الايمان، وأنه يزيد وينقص. ويطلق على من يقول: الايمان هو معرفة الله، ويجعل ما سوى الايمان من الطاعات، وما سوى الكفر من المعاصي غير مضرة ولا نافعة. وهذا القسم الأخير من الارجاء هو المذموم صاحبه، المتهم في دينه.
وقد قال المؤلف في " ميزانه ": 4 / 99: " مسعر بن كدام حجة إمام، ولا عبرة بقول السليماني: كان من المرجئة مسعر وحماد بن أبي سليمان والنعمان وعمرو بن مرة وعبد العزيز بن أبي رواد وأبو معاوية وعمرو بن ذر...، وسرد جماعة. قلت: الارجاء مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله ".
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»