صالح الحديث، يكتب حديثه. وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه في القنوت (1).
(1) وليس هذا بعلة، فقد وثقه أحمد، وابن معين، والعجلي، وغيرهم وصحح حديثه هذا الترمذي (402)، وابن حبان (511)، وأخرج له مسلم في صحيحه حديثين (23 و 2697) عن أبيه، والاخذ بما تفرد به الثقة واجب، إذا لم يقع في مرويه ما يخالف الثقات والمخالفة في حديثه هذا منفية. وفي " الصحيحين " أحاديث كثيرة انفرد بها رواتها. ونص الحديث: " عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي، يا أبة إنك قد صليت خلف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بن أبي طالب ها هنا بالكوفة نحوا من خمس ستين، أكانوا يقتنون (أي في الفجر)؟ قال: أي بني، محدث " أخرجه أحمد 6 / 394، والترمذي (402)، والنسائي 2 / 204، وابن ماجة (1241)، وإسناده صحيح.
وصححه ابن حبان (511)، والطحاوي (146)، وقد صح عنه، صلى الله عليه وسلم، من حديث: أنس ابن مالك، " أنه قنت في صلاة الفجر شهرا، يدعو على أحياء من العرب، ويلعنهم، ثم تركه " أخرجه مسلم (676) (304)، وأبو داود (1445) والنسائي 2 / 203، وابن ماجة (1243)، وأخرجه أحمد (2746)، وأبو داود (1443) عن ابن عباس قال: قنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شهرا متتابعا، في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح، في دبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو على أحياء من سليم، على رعل، وذكوان، وعصية، ويؤمن من خلفه. وقال الحافظ ابن حجر في " الدراية " ص 117: ويؤخذ من الاخبار، أنه، صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا في النوازل. وقد جاء ذلك صريحا، فعند ابن حبان عن أبي هريرة، " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يقنت في صلاة الصبح، إلا أن يدعو لقوم أو على قوم "، وعند ابن خزيمة: عن أنس مثله وإسناد كل منهما صحيح. وحديث أبي هريرة في الصحيحين، بلفظ: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يدعو على أحد، أو لاحد، قنت بعد الركوع، حتى أنزل الله تعالى: (ليس لك من الامر شئ).
وقال ابن القيم " في زاد المعاد " وكان من هديه، صلى الله عليه وسلم، القنوت في النوازل، وتركه خاصة عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر.
وأما حديث أنس الذي أخرجه أحمد 3 / 162، والدارقطني 2 / 39، والطحاوي ص 143، والحاكم في كتاب " الأربعين " له، وعنه البيهقي 2 / 201، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، " ما زال يقنت في صلاة الصبح، حتى فارق الدنيا " فحديث ضعيف لا تقوم به حجة، في إسناده أبو جعفر الرازي، واسمه: عيسى بن ماهان. قال ابن المديني: كان يخلط. وقال يحيى: كان يخطئ وقال أحمد: ليس بالقوي في الحديث. وقال أبو زرعة: كان يهم كثيرا. وقال ابن حبان: كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير. وهو مخالف لحديث أنس الصحيح، الذي فيه " أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قنت شهرا ثم ترك ".
تنبيه: دعاء القنوت الذي يقوله الناس في الفجر، ليس محله هناك، وإنما هو في الوتر.
فقد أخرج أحمد 1 / 199، 200، وأبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي 3 / 248، وابن ماجة (1178)، والدارمي 1 / 373، والطيالسي (1179)، والحاكم 3 / 172، عن أبي الحوراء السعدي قال: قال الحسن بن علي، رضي الله عنه، علمني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت. وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت ". واللفظ لأبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن. ولا نعرف في القنوت شيئا أحسن من هذا عن النبي، صلى الله عليه وسلم.