علي بن المديني (1): حدثنا هشام بن يوسف، أخبرني داود بن قيس، قال: كان لي صديق يقال له أبو شمر ذو خولان، فخرجت من صنعاء أريد قريته، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما إلى أبي شمر، فجئته فوجدته مهموما حزينا، فسألته عن ذلك فقال: قدم رسول من صنعاء، فذكر أن أصدقاء لي كتبوا لي كتابا فضيعه الرسول، قلت: فهذا الكتاب، فقال: الحمد لله، ففضه فقرأه، فقلت: أقرئنيه، فقال: إني لأستحدث سنك، قلت: فما فيه؟ قال: ضرب الرقاب. قلت: لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك، قال: من أين تعرفهم؟ قلت: إني وأصحابا لي نجالس وهب بن منبه، فيقول لنا: احذروا أيها الاحداث الأغمار هؤلاء الحر وراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف، فإنهم عرة (2) لهذه الأمة، فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه: سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله، ونوصيك بتقواه، فإن دين الله رشد وهدى، وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه، فإذا جاءك كتابنا، فانظر أن تؤدي - إن شاء الله - ما افترض الله عليك من حقه، تستحق بذلك ولاية الله، وولاية أوليائه والسلام.
قلت له: فإني أنهاك عنهم، قال: فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك؟ قلت: فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله؟ قال: نعم.
فنزلنا إلى صنعاء، فأدخلته على وهب - ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد - فوجدنا عند وهب - نفرا، فقال لي بعض النفر: من هذا الشيخ؟ قلت: له حاجة، فقام القوم، فقال وهب: ما حاجتك يا ذا خولان؟
فهرج (3) وجبن، فقال لي وهب: عبر عنه، قلت: إنه من أهل