سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٤٦١
قال ابن المبارك: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة: ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم، والقاسم، وعروة، وعبيد الله بن عبد الله، وخارجة بن زيد. وكانوا إذا جاءتهم مسألة دخلوا فيها جميعا فنظروا فيها، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم، فينظرون فيها فيصدرون.
ابن وهب: حدثنا مالك عن يزيد بن رومان، عن سالم بن عبد الله، أنه كان يخرج إلى السوق في حوائج نفسه. واشترى شملة، فانتهى بها إلى المسجد، فرمى بها إلى عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، فحبسها عنده ساعة، ثم قال: ألا تبعث من يحملها لك؟ فقال: بل أنا أحملها. وحدثني مالك، قال: كان ابن عمر يخرج إلى السوق فيشتري، وكان سالم دهره يشتري في الأسواق، وكان من أفضل أهل زمانه (2).
وروى أبو سعيد الحارثي، عن العتبي، عن أبيه، قال: دخل سالم على سليمان بن عبد الملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، فقال له رجل من أخريات الناس: ما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه، يدخل فيها على أمير المؤمنين؟! قال: وعلى المتكلم ثياب سرية، لها قيمة، فقال له عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك (3).

(1) ابن عساكر 7 / 14 ب، وقد تقدم بنحوه في ص 438، 439.
(2) ابن عساكر 7 / 16 آ.
(3) ابن عساكر 7 / 16 آ، وزاد في نهايته: " قال القاضي: لقد أحسن عمر في جوابه وأجاد في الذب عن خاله. وقد أنشدنا ابن دريد في خبر قد ذكرته في غير هذا الموضع لبعض الاعراب:
يغايظونا بقمصان لهم جدد * كأنها لا ترى في السوق قمصانا ليس القميص إذا جددت رقعته * بجاعل رجلا إلا كما كانا "
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»