سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٣
الصلاة بمكة الحارث بن يزيد، وقرر مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وكان لا يقطع أمرا دون المسور بن مخرمة، ومصعب بن عبد الرحمن، وجبير ابن شيبة، وعبد الله بن صفوان بن أمية، (فكان يشاورهم في أمره كله، ويريهم أن الامر شورى بينهم لا يستبد بشئ منه دونهم) ويصلي بهم الجمعة، ويحج بهم بلا إمرة. وكانت الخوارج وأهل الفتن قد أتوه، وقالوا: عائذ بيت الله، ثم دعا إلى نفسه، وبايعوه، وفارقته الخوارج.
فولى على المدينة أخاه مصعبا، وعلى البصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وعلى الكوفة عبد الله بن مطيع، وعلى مصر عبد الرحمن بن جحدم الفهري، وعلى اليمن، وعلى خراسان، وأمر على الشام الضحاك بن قيس، فبايع له عامة أهل الشام، وأبت طائفة، والتفت على مروان بن الحكم، وجرت أمور طويلة، وحروب مزعجة، وجرت وقعة مرج راهط وقتل ألوف من العرب، وقتل الضحاك، واستفحل أمر مروان إلى أن غلب على الشام، وسار في جيش عرمرم، فأخذ مصر، واستعمل عليها ولده عبد العزيز، ثم دهمه الموت، فقام بعده ولده الخليفة عبد الملك، فلم يزل يحارب ابن الزبير حتى ظفر به بعد أن سار إلى العراق، وقتل مصعب بن الزبير (1).
قال شعيب بن إسحاق: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، أن يزيد كتب إلى ابن الزبير: إني قد بعثت إليك بسلسلة فضة، وقيدا من ذهب، وجامعة من فضة، وحلفت لتأتيني في ذلك، فألقى الكتاب، وأنشد:
ولا ألين لغير الحق أسأله * حتى يلين لضرس الماضغ الحجر (2)

(1) " تهذيب ابن عساكر " 7 / 410، و " تاريخ الاسلام " 3 / 170، 171.
(2) " حلية الأولياء " 1 / 331، و " المستدرك " 3 / 550.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»