سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٤
المدينة، أخافه الله، وعليه لعنة الله " (1).
رواه مسلم بن أبي مريم وجماعة عن عطاء بن يسار، عنه.
وروى جويرية بن أسماء، عن أشياخه، قالوا: خرج أهل المدينة يوم الحرة بجموع وهيئة لم ير مثلها، فلما رآهم عسكر الشام، كرهوا قتالهم، فأمر مسرف بسريره، فوضع بين الصفين، ونادى مناديه: قاتلوا عني، أو دعوا، فشدوا، فسمعوا التكبير خلفهم من المدينة، وأقحم عليهم بنو حارثة، فانهزم الناس، وعبد الله بن الغسيل متساند إلى ابنه نائم، فنبهه، فلما رأى ما جرى، أمر أكبر بنيه فقاتل حتى قتل، ثم لم يزل يقدمهم واحدا واحدا حتى قتلوا، وكسر جفن سيفه (وقاتل) حتى قتل (2).
وروى الواقدي بإسناد، قال: لما وثب أهل الحرة، وأخرجوا بني أمية من المدينة، بايعوا ابن الغسيل على الموت، فقال: يا قوم! والله ما خرجنا حتى خفنا أن نرجم من السماء، رجل ينكح أمهات الأولاد، والبنات، والأخوات، ويشرب الخمر، ويدع الصلاة.
قال: وكان يبيت تلك الليالي في المسجد، وما يزيد في إفطاره على شربة سويق، ويصوم الدهر، ولا يرفع رأسه إلى السماء، فخطب، وحرض على القتال، وقال: اللهم إنا بك واثقون. فقاتلوا أشد قتال. وكبر أهل الشام، ودخلت المدينة من النواحي كلها، وقتل الناس، وبقي لواء ابن الغسيل ما حوله خمسة، فلما رأى ذلك، رمى درعه، وقاتلهم حاسرا حتى قتل، فوقف عليه مروان وهو ماد إصبعه السبابة، فقال: أما والله لئن نصبتها

(1) وتمامه " والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا " أخرجه أحمد 4 / 55 و 56، وإسناده صحيح، ونسبه الحافظ في " الإصابة " إلى النسائي، وفي الباب عن جابر بن عبد الله، عند ابن حبان (1039).
(2) " تاريخ خليفة ": 238، و " ابن عساكر " 9 / 77 آ.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»