سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ١٠٥
وقال الواقدي: حدثنا داود بن قيس، ومالك، وطائفة، قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة في سرية فيها المهاجرون والأنصار، وهم ثلاث مئة، إلى ساحل البحر إلى حي من جهينة، فأصابهم جوع شديد. فأمر أبو عبيدة بالزاد، فجمع، حتى كانوا يقتسمون التمرة. فقال قيس بن سعد: من يشتري مني تمرا بجزر، يوفيني الجزر ها هنا (وأوفيه التمر بالمدينة).
فجعل عمر يقول: يا عجبا لهذا الغلام، يدين (1) في مال غيره. فوجد رجلا من جهينة، فساومه، فقال: ما أعرفك! قال: أنا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم. فقال: ما أعرفني بنسبك (أما إن بيني وبين سعد خلة سيد أهل يثرب) فابتاع منه خمس جزائر، كل جزور بوسق (2) من تمر، وأشهد له نفرا. فقال عمر: لا أشهد، هذا يدين ولا مال له، إنما المال لأبيه. فقال الجهني:
والله ما كان سعد ليخني بابنه في شقة من تمر، وأرى وجها حسنا، فنحرها لهم في ثلاثة مواطن. فلما كان في اليوم الرابع، نهاه أميره، وقال: تريد أن تخرب ذمتك ولا مال لك (3).
قال (4): فحدثني محمد بن يحيى بن سهل، عن أبيه، عن رافع بن خديج قال: بلغ سعدا ما أصاب القوم من المجاعة، فقال: إن يك قيس كما

(1) وفي " المغازي " وابن عساكر: " أدان " وهما بمعنى، يقال: دان واستدان وادان: إذا أخد الدين واقترض.
(2) في ابن عساكر: " بوسقين ".
(3) هو في " مغازي الواقدي " 2 / 774، 775 بأطول مما هنا، وما بين حاصرتين منه، وأخرجه ابن عساكر 14 / 228، وقوله: " ليخني " أي: يسلمه ويخفر ذمته، من أخنى عليه الدهر، وقد تصحف في المطبوع إلى " ليجني " بالجيم. وقوله: " في شقة من تمر " أي: قطعة تشق منه، وفي " المغازي " " سقة " بالسين: أي: الوسق مثل العدة في الوعد، والزنة في الوزن، والرقة في الورق، والهاء فيه عوض من الواو.
(4) أي: الواقدي، وهو في " مغازيه " 2 / 775، 776، وأخرجه ابن عساكر 14 / 228 / ب.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»