يتزوج بها آخر ثم بعد الدخول فارقها، فتزوجها الأول. هل تبقى عنده على طلقتين كما هو قول عمر وغيره من الصحابة ومالك والشافعي، وأحمد في المشهور عنه أو تلغى تلك التطليقة، وتكون عنده على الثلاث، كما هو قول ابن عباس وابن عمر وأبي حنيفة، ورواية عن عمر، بناء على أن إصابة الزوج تهدم ما دون الثلاث، كما هدمت إصابته لها الثلاث.
فالأول مبني على أن إصابة الزوج الثاني، إنما هي غاية التحريم الثابت بالطلاق الثلاث; فهو الذي يرتفع، والمطلقة دون الثلاث لم تحرم، فلا ترفع الإصابة منها شيئا. وبهذا أفتى أبو هريرة. فقال له عمر: لو أفتيت بغيره، لأوجعتك ضربا.
وكذلك أفتى أبو هريرة في دقاق المسائل مع مثل ابن عباس، وقد عمل الصحابة فمن بعدهم بحديث أبي هريرة في مسائل كثيرة تخالف القياس، كما عملوا كلهم بحديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " لا تنكح المرأة على عمتا، ولا خالتها " (1).
وعمل أبو حنيفة والشافعي وغيرهما بحديثه: " أن من أكل ناسيا، فليتم صومه " (2). مع أن القياس عند أبي حنيفة: أنه يفطر، فترك القياس لخبر أبي هريرة.