ابن إسحاق: حدثني صالح بن كيسان عن سعد بن مالك قال: كنا قبل الهجرة يصيبنا ظلف العيش وشدته، فلا نصبر عليه، فما هو إلا أن هاجرنا، فأصابنا الجوع والشدة، فاستضلعنا بهما، وقوينا عليهما. فأما مصعب بن عمير، فإنه كان أترف غلام بمكة بين أبويه فيما بيننا، فلما أصابه ما أصابنا، لم يقو على ذلك، فلقد رأيته وإن جلده ليتطاير عنه تطاير جلد الحية، ولقد رأيته ينقطع به، فما يستطيع أن يمشي، فنعرض له القسي ثم نحمله على عواتقنا، ولقد رأيتني مرة، قمت أبول من الليل، فسمعت تحت بولي شيئا يجافيه، فلمست بيدي فإذا قطعة من جلد بعير، فأخذتها، فغسلتها حتى أنعمتها، ثم أحرقتها بالنار، ثم رضضتها فشققت منها ثلاث شقات، فاقتويت بها ثلاثا (1).
قال ابن إسحاق: وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله، صلى الله عليه وسلم حتى قتل، قتله ابن قمئة الليثي، وهو يظنه رسول الله. فرجع إلى قريش، فقال: قتلت محمدا فلما قتل مصعب، أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب، ورجالا من المسلمين (2).