وقد جمع فيه مصنفه تراجم مختصرة على نمط تراجم " الكاشف "، هي تراجم من ترك الذهبي ذكره عمدا من رجال تلك الكتب الزائدة على الستة الأصول، وأضاف إليها تراجم رجال " المسند " للإمام أحمد وزوائد ابنه عبد الله. ولولا هذه الإضافة لما كان من الكتاب جدوى.
على أن الذهبي نفسه قد استدرك هذا الاستدراك، فقد نسب إليه السخاوي في " الإعلان بالتوبيخ " ص 233 كتاب " أسماء من أخرج لهم أصحاب الكتب الستة في تواليفهم سواها، ممن لم يذكرهم في الكاشف "، فلا أدري ما وجه هذا الاستدراك؟.
3 - بعض فوائد " الكاشف ":
هذا الشهرة والتداول ك " الكاشف " إنما يرجع إلى مزية واحدة رئيسية، تليها مزية ثانية هي أقل وجودا من الأولى، وهذا ما أردته بقولي السابق: إنه كتاب دربة وتعليم، ثم كتاب جرح وتعديل..
وبيان ذلك:
1 - أنك تقرأ فيه تراجم رجال الكتب الستة الأصول، ومع كل ترجمة ذكر أشهر شيوخ المترجم وتلامذته، وكثيرا ما ينقل لك حال الرجل جرحا وتعديلا، أو يعطيك من عنده خلاصة الأقوال فيه، ثم يشير برمز موجز إلى من أخرج حديثه من أصحاب الكتب الستة.
ورواة الكتب الستة هم أشهر رواة السنة، فمن أكثر من النظر في تراجمهم فقد استفاد رسوخ أسمائهم في حافظته.
ثم إن شيوخهم وتلامذتهم متداخلون في بعضهم بعضا، فكثيرون جدا يروون عن بعضهم، مما يسبب تكرار أسمائهم مئات المرات في الكتاب، وقسم منهم يكون تكرارهم أقل وأقل.
وهذا التكرار خير معين على حفظ أسماء هؤلاء الرواة، مع تقريب طبقاتهم الزمنية، ومعرفة الاتصال.
بينهم وعدمه.
وإن استحضار معاني هذا الفن لأسماء رجاله مع تقريب الطبقة الزمنية، ومعرفة الاتصال وعدمه: هو أولي لوازمه الأساسية.
2 - حكايته أقوال الجرح والتعديل عن أصحابها، مما ينمي ملكة هذا العلم في القارئ، ويورثه فهمها، وإذا كان في الرجل الواحد جرح وتعديل في أن واحد، اكتسب القارئ معرفة النتيجة التي يخلص إليها من جراء هذا التعارض.
وحينما يعطيك المصنف كلمة واحدة من عنده في الرجل، تعلم أن هذا هو القول المعتمد عنده، فإذا رجعت إلى أصوله، أمكنك أن تفسر الأقوال المتعارضة على ضوء ما اختاره لك.
ويزيد القارئ إفادة بأخبار ثانوية عن المترجم: عبادته وتقواه، وعلمه وخلقه، مما يعطي صورة عنه أتم وأوفي.
يأتي بعد قليل إن شاء الله تعالى تفصيل ذلك في الحديث عن منهجه.