الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
مبتورة، وتنسب إليه كل كلمة كتبها، لا يهمل منها شئ دون نسبة، فقد أثبت ناشره السابق بعض حواشي البرهان ولم يرمز لها بحرف (س) كعادته، كما تراه في التعليق على 4 (9267، 9333)، ولا يبعد وجود غيرها، بل هذا ما استوقفني، فراجعت " نثل الهميان "، فوجدت التنبيهين فيه.
ويكون حينئذ بها العمل استيفاء خدمات هذا الإمام.
وخلاصة ذلك: أن للبرهان خدمتين، كما هو مقتضى - أو صريح - كلام التقي ابن فهد، أما ابنه نجم الدين والسخاوي فكان كلامهما قاصرا على كتاب واحد، أبهمه النجم فلم يفصح هل أراد الحواشي التي على أطراف النسخة أو هذا الذيل؟
وأما السخاوي: فظاهر كلامه في وصفه أنه أراد هذا الذيل، فإنه قال: " وحواش على... كتب ثلاثة وهي " التجريد " و " الكاشف " و " تلخيص المستدرك " وكذا على " الميزان " له، وسماه " نيل (1) الهميان في معيار الميزان " يشتمل على تحرير بعض تراجمه، وزيادات عليه، وهو في مجلدة لطيفة، لكنه - كما قال شيخنا - لم يمعن النظر فيه ".
فهل مراد ابن حجر: لم يمعن النظر في " الميزان "؟ بمعنى: ترك السبط أشياء في " الميزان "، لم يناقش فيها الذهبي، ولم يستدركها عليه، أي: لم يتعمق معه في المناقشة والاستدراك.
أو: مراده: لم يمعن السبط النظر فيما كتبه، فوقع في بعض المؤاخذات؟ وصياغة نجم الدين ابن فهد لعبارته تشير إلى هذا الاحتمال الثاني، فإنه قال: " وصنف التصانيف الحسنة المفيدة، منها:... " نثل الهميان في معيار الميزان " مجلد، وذكر أنه لم يمعن النظر فيه؟ والله أعلم.
وتقدم أن ابن حجر قرأ هذا الكتاب حين كان بحلب سنة 836، وكان قبل ذلك بدهر قد ألف كتابه " لسان الميزان "، فكأن تقويمه وحكمه على " نثل الهميان " جاء على هذا المقتضى، لذلك لم يرضه تماما، يضاف إلى هذا ملاحظة أن ابن حجر لا يرفع رأسه إلى أي مؤلف كان. والله أعلم.
ويحسن بي أخيرا أن أقول كلمة موجزة في الموازنة بين هاتين الحاشيتين: التي على " الميزان " والتي على " الكاشف ". فأقول:
إن " حاشية الكاشف " فيها استدراك جرح وتعديل كثير، وفيها تحرير لتاريخ الوفاة، وفيها ضبط أحيانا للأعلام، وما أثبته الأستاذ البجاوي في تعليقاته على " الميزان " من حواشي البرهان عليه: ليس فيه من الأمر الثاني والثالث إلا القليل، أما الأول فهو مستمد من " الميزان ". وفيها تنبيهات وإفادات ليست منه.
ولو قارنا بينها وبين " نثل الهميان ": لرأينا بينهما اتفاقا أحيانا، واختلافا أحيانا أكثر، بسبب اختلاف المنهج في الكتابين. ففيه الشئ الكثير مما ليس هنا.
ومع ذلك فإني أستطيع القول بأنه يوجد في حواشي " الكاشف " ما لا يوجد هناك، والأمثلة على ذلك كثير، تظهر بالنظر والمقابلة، لا داعي إلى ذكر نماذج منها، لكني أدل على وصف جملة منها. تلك هي
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست