تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ٣٥٢
أحمد بن حنبل واستأذنت له، فقلت: أحمد بن صالح بالباب، فأذن له، فقام إليه، ورحب به، وقربه، وقال له: بلغني أنك جمعت حديث الزهري، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا.
قال: وما رأيت أحسن من مذاكرتهما. ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد ابن صالح: تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلا يتذاكران، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح: عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمان بن عوف قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين " (1) فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل: أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا؟! فجعل أحمد ابن حنبل يتبسم ويقول: رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح: عبد

(1) أخرجه أحمد 1 / 190 من طريق بشر بن المفضل، عن عبد الرحمان بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن عبد الرحمان بن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شهدت حلف المطيبين مع عمومتي، وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه " قال الزهري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لم يصب الاسلام حلفا إلا زاده شدة، ولا حلف في الاسلام وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار " وأورده الهيثمي في " المجمع " 8 / 172، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال حديث عبد الرحمان بن عوف رجال الصحيح، وكذلك مرسل الزهري، ونقله الحافظ ابن كثير في " البداية ". 2 / 290، 291 عن البيهقي باسناده إلى إسماعيل بن علية، عن عبد الرحمان بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل ابن كثير عن البيهقي قوله: وزعم بعض أهل السير أنه أراد حلف الفضول، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلف المطيبين، قلت: (القائل ابن كثير) هذا لاشك فيه، وذلك أن قريشا تخالفوا بعد موت قصي، وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه عبد الدار من السقاية والرفادة واللواء والندوة والحجابة، ونازعهم فيه بنو عبد مناف، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش، وتحالفوا على النصرة لحزبهم، فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنة فيها طيب، فوضعوا أيديهم فيها وتحالفوا، فلما قاموا مسحوا أيديهم بأركان البيت، فسموا المطيبين..
وكان هذا قديما، ولكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول، وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله، عن محمد وعبد الرحمان ابني أبي بكر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الاسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وألا يغز ظالم مظلوما ". قالوا: وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة، في شهر ذي القعدة، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر. ومرسل الزهري ورد معناه في غير ما حديث موصول ومرسل، انظر المسند 4 / 83 و 5 / 61. (ش).
(٣٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 ... » »»