تهذيب الكمال - المزي - ج ١ - الصفحة ١٧٢
يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءها ولم يقدر على تحصيلها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة ومن أدلة سياقها على حسب ما اتفق لابي داود، ولذلك حل هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الأثر محل العجب، فضربت فيه أكباد الإبل، ودامت إليه الرحل.
وقال أبو سعد عبد الرحمان بن محمد الإدريسي الحافظ: محمد بن عيسى بن سورة الترمذي الحافظ الضرير، أحد الأئمة الذين يقتدى بهم في علم الحديث، صنف كتاب " الجامع " والتواريخ والعلل تصنيف رجل عالم منتق، كان يضرب به المثل في الحفظ.
وقال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ: سمعت الامام أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة، وجرى بين يديه ذكر أبي عيسى الترمذي وكتابه، فقال: كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم، لان كتابي البخاري ومسلم لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم، وكتاب أبي عيسى يصل إلى فائدته كل أحد من الناس.
وقال أبو الفضل بن طاهر أيضا: سألت الامام أبا القاسم سعد ابن علي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة فوثقه، فقلت: إن أبا عبد الرحمان النسائي ضعفه، فقال: يا بني إن لابي عبد الرحمان في الرجال شرطا أشد من شرط البخاري ومسلم.
وقال الحاكم أبو عبد الله ابن البيع الحافظ: سمعت أبا الحسن أحمد بن محبوب الرملي بمكة يقول: سمعت أبا عبد الرحمان أحمد ابن شعيب النسائي يقول: لما عزمت على جمع كتاب السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشئ، فوقعت الخيرة على تركهم، فنزلت في جملة من الحديث كنت أعلو فيه عنهم.
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»