فلما فرغ خالد قال: ويحك ما سلك مسامعي والله كلام قط أحسن من هذا فأعد علي كلامك فقد وقع مني موقعا فأعاد عليه خالد كلامه بأحسن مما ابتدأه ثم قال: انصرف وبقي أبو العباس يفكر فيما سمع من خالد يقسم (1) أمره فبينا هو يفكر إذ دخلت عليه أم سلمة وقد كان أبو العباس حلف ألا يتحذ عليها ووفى لها فلما رأته مفكرا متغيرا قالت له إني لأنكرك يا أمير المؤمنين فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له؟ فقال: لا والحمد لله ثم لم تزل تستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد قالت فما قلت لابن الفاعلة؟
فقال لها ينصحني فتشتميه فخرجت إلى مواليها من البخارية (2) فأمرتهم بضرب خالد قال خالد فخرجت إلى الدار مسرورا بما ألقيت إلى أمير المؤمنين ولم أشك في الصلة فبينا أنا مع الصحابة واقفا إذ أقبلت البخارية تسأل عني فحققت الجائزة والصلة فقلت لهم ها أنذا فاستبق إلي أحدهم بخشبة فلما أهوى إلي غمزت برذوني ولحقني فضرب كفله وتنادى إلي الباقون وغمزت البرذون فأسرع ثم راكضتهم ففتهم واختبأت في منزلي أياما قال القاضي (3): الصواب استخفيت ووقع في قلبي أني أتيت من قبل أم سلمة فطلبني أبو العباس فلم يجدني فلم أشعر إلا بقوم قد هجموا علي وقالوا أجب أمير لمؤمنين فسبق إلى قلبي أنه الموت فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون لم أر دم شيخ أضيع فركبت إلى دار أمير المؤمنين ثم لم ألبث أن أذن لي فأصبته خاليا فرجع إلي عقلي ونظرت في المجلس وبيت عليه ستور رقاق فقال يا خالد لم أرك قلت كنت عليلا قال ويحك إنك وضعت لأمير المؤمنين في آخر دخلة دخلتها علي من أمور النساء والجواري صفة لم يخرق مسامعي كلام قط أحسن منه فأعده علي - قال وسمعت حسا خلف الستر - فقلت: نعم يا أمير المؤمنين أعلمتك أن العرب إنما اشتقت اسم الضرتين من الضر وإن أحدا لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر وتنغيص قال له أبو العباس لم يكن هذا [في] (4) الحديث قال بلى والله يا أمير المؤمنين قال فأنسيت إذا فأتمم الحديث قال:
وأخبرتك أن الثلاث من النساء كأثافي القدر يغلي عليهن. قال برئت من قرابتي من رسول