فلما ورد الكتاب عليه ركب إليها فأقرأها إياه قالت أما أنا فغير راغبة (1) عن طاعة ولا معتلة بكذب ولقد كنت أحب لقاء أمير المؤمنين لأمور تلجلج (2) مني بمجرى النفس يغلي بها صدري غلي المرجل بحب (3) البلس (4) يوقد بجزل السمر فلما حملها وأراد مفارقتها قال لها يا أم الخير إن معاوية ضمن لي أن يجازيني فيك بالخير خيرا وبالشر شرا فانظري كيف تكونين قالت يا هذا لا يطمعك برك بي في نزو (5) معك بالباطل ولا يؤنسك معرفتي أن أقول فيك [غير] (6) الحق فسارت خير مسير فلما قدمت على معاوية أنزلها بيتا مع الحرم ثلاثة أيام ثم أذن لها في اليوم الرابع وعنده جلساؤه فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين قال وعليك السلام وبالرغم منك دعوتني (7) بهذا الاسم؟ قالت مه يا هذا [فكل بديهة للسلطان مدحضة لما يجب علمه فقال صدقت كيف حالك وكيف رأيت مسيرك؟ قالت لم أزل في عافية وسلامة حتى أدتني إلى ملك جزل ذي عطاء بذل فأنا في عيش أنيق و [عند] (8) ملك رقيق فقال معاوية بحسن نيتي والله ظفرت بكم وأعنت عليكم قالت مه يا هذا] (9) والله لك من دحض المقال ما تردى (10) عاقبة قال ليس لهذا أردناك قالت إنما أجري في ميدانك إذا أجريت شيئا أجريته فسل عما بدا لك قال كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر قالت لم أكن والله رأيته قبل ولا رأيته بعد وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة فإن شئت أحدثت لك مقالا غير ذلك فعلت قال لا أشاء ثم التفت إلى بعض أصحابه فقال أيكم يحفظ كلام أم الخير فقال رجل من القوم أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي لسورة الحمد قال فهاته قال نعم كأني بها يا
(٢٣٤)