جعفر الطبري (1) قال ثم دخلت سنة سبع (2) وعشرين ومائتين كان فيها من الأحداث خروج أبي حرب المبرقع اليماني بفلسطين وخلافه على السلطان ذكر لي بعض أصحابي ممن ذكر أنه خبر (3) أمره وأن سبب خروجه على السلطان كان لأن بعض الجند أراد النزول في داره وهو غائب عنها وفيها إما زوجته وإما أخته فمانعته عن ذلك فضربها بسوط معه فاتقته بذراعها فأصاب السوط ذراعها فأثر فيها فلما رجع أبو حرب إلى منزله بكت وشكت إليه ما فعل بها وأرته الأثر الذي بذراعها من ضربه فأخذ أبو حرب سيفه ومشى إلى الجندي وهو غار فضربه حتى قتله ثم هرب وألبس وجهه برقعا كيلا يعرف فصار إلى جبل من جبال الأردن وطلبه السلطان فلم يعرف له خبرا فكان أبو حرب يظهر بالنهار فيقعد على الجبل الذي آوى إليه مبرقعا فيراه الرائي فيأتيه يذكره ويحرضه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويذكر السلطان وما يأتي إلى الناس ويعيبه فما زال ذلك دأبه حتى استجاب له قوم من حراثي أهل تلك الناحية وأهل القرى وكان يزعم أنه أموي فقال الذين استجابوا له هذا السفياني فلما كثرت غاشيته وتباعه من هذه الطبقة من الناس دعا أهل البيوتات من تلك الناحية فاستجاب له جماعة من رؤساء اليمانية منهم رجل يقال له ابن بيهس (4) وكان مطاعا في أهل اليمن ورجلان آخران من أهل دمشق واتصل الخبر بالمعتصم وهو عليل علته التي مات فيها فوجه إليه رجاء بن أيوب الحضاري (5) في زهاء ألف رجل من الجند (6) فلما صار رجاء إليه وجده في عالم من الناس قال أبو جعفر فذكر الذي أخبرني بقصته أنه كان في زهاء مائة ألف فكره رجاء مواقعته (7) وعسكر (8) بحذائه حتى إذا كان أول عمارة الناس الأرضين وحراثتهم انصرف
(١٣٦)