قال خل عنه يذهب حيث شاء فلا حاجة لنا فيه (1) فخلينا عنه قال فاقتتلنا حتى صلينا الظهر ونادى منادي الأزارقة في ناحية المهلب إن المهلب قد قتل فلما سمع ذلك المهلب ركب برذونا دريدا (2) فركض بين الصفين على الرايات وإن إحدى يديه في القباء والأخرى ليست في القباء من العجلة وهو ينادي أنا المهلب أنا المهلب فسكن الناس وأقبل يسير على الرايات ويحضضهم أيها الناس إنما عبيدكم وسقاطكم كأن الرجل يجزع إذا لقيه عبده أن يأخذه أخذا شدوا بسم الله إلى عدوكم كل ذلك يريد أصحابه على أن يسيروا ولا يسيرون فقال إن القوم سينهضون إليكم فإذا أتوكم فثوروا في وجوههم وارموهم بالحجارة وقد كان أمرهم أن يأخذ كل رجل ثلاثة أحجار في مخلاة قال فأقبل القوم فجعل الرجل منا يرمي الرجل فيصيب وجهه فيصرعه ويصيب وجه فرسه فيشب بفارسه فيصرعه فقتلناهم إلى العصر فلما اشتد القتال أخرجوا ألفي مدجج لم يشهدوا القتال فقاتلناهم حتى اصفرت الشمس قال فحملوا علينا حملة ألجؤونا إلى عسكرنا ورجعوا إلى عسكرهم فبينا نحن نصلي ونتحارس ونقول ليلة كليلة ابن عنبس فأوقدوا نيرانا كثيرة في عسكرهم ثم انطلق فانطلق رجل من اليحمد (3) على فرس حتى دخل عسكرهم فإذا ليس فيه أنس فرجع إلى المهلب فقال أصلح الله الأمير ووالله ذهب القوم فأرسل معي رسولا قال فأرسل فنظر فوجد الأمر حقا فأصبحنا وقد انطلقوا (4) قال سعيد فحدثني من عد القتلى ألقى عليهم العصب والحجارة أربعة آلاف وثمانمئة أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور بن العطار قالا أنا أبو طاهر المخلص أنا عبد الله السكري نا زكريا المنقري حدثنا الأصمعي نا روح بن قبيصة المهلبي عن أبيه كتب الحجاج بن يوسف إلى المهلب بن أبي صفرة يستبطئه في حرب الأزارقة (5) فكتب إليه المهلب ما أنتظر بالقوم إلا إحدى ثلاث إما (6) موت شامل أو جوع قاتل أو فرقة فأما غير ذلك فلا سبيل إليه (7)
(٢٩١)