وتضمحل عندها الأسباب (1) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بعد الفترة (2) والرسل الماضية والقرون الخالية والأبدان البالية والجبلة الطاغية فبلغ الرسالة ونصح الأمة وأدى الحق الذي استودعه وأمر بأدائه إلى أمته (صلى الله عليه وسلم) من رسول الله ومنتخب (3) أيها الناس إن أمر عثمان قد أعيا من شهده فما ظنكم بمن غاب عنه وإن الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نقضا بيعته على غير حدث ألا وإن الدين لا يحتمل الفتق (4) وإن العرب لا تحتمل السيف وقد كانت بالبصرة (5) أمس ملحمة إن يشفع بمثلها فلا بقاء للناس بعدها وقد بايعت العامة عليا ولو أنا ملكنا أمورنا لم نختر لها غيره فمن خالف هذا استعتب فأدخل يا معاوية فيما دخل الناس فيه فإن قلت استعملني عثمان ثم لم يعزلني فإن هذا أمر لو جاز لم يقم لله دين وكان لكل امرئ ما في يديه ولكن الله جعل للذخر من الولاة حق الأول وجعل تلك الأمور موطأة وحقوقا ينسخ بعضها بعضا فقال معاوية أنظر وأنتظر وأستطلع رأي أهل الشام فأمر معاوية مناديا فنادى الصلاة جامعة فلما اجتمع الناس صعد المنبر فخطب فقال الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام أركانا والشرائع للإيمان برهانا يتوقد قابسه (6) في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده فأحلها الشام (7) ورضيهم لها ورضيها لهم بما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم أولياءه فيها والقوام بأمره الذابين عن دينه وحرماته ثم جعلهم لهذه الأمة نظاما وفي أعلام الخير عظاما يردع الله به الناكثين ويجمع بهم ألفة المؤمنين والله نستعين على ما تشعب من أمور المسلمين وتباعد بينهم بعد القرب والألفة اللهم انصرنا على قوم يوقظون نائمنا ويخيفون
(١٢٩)