قال أما بعد يا معاوية فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين وأهل الحجاز واليمن ومصر وعمان والبحرين واليمامة فلم يبق إلا أهل (1) هذه الحصون التي أنت فيها لو سال عليها من أوديته سيل غرقها وقد أتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى متابعة (2) أمير المؤمنين علي ودفع إليه كتابه قال وكانت نسخته بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فإن بيعتي لزمتك وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان علي ما بايعوا عليه فلم يكن لشاهد أن يختار ولا لغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك رضا فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ويصله (3) جهنم وساءت مصيرا وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي وكان نقضها كردهما فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون فادخل فيما دخل فيه المسلمون فإن أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تعرض للبلاء فإن تعرضت له قاتلتك واستعنت الله عليك وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل في الناس ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله فأما تلك التي تريدها يا معاوية فهي خدعة الصبي عن اللبن ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان واعلم يا معاوية أنك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا تعرض فيهم الشورى وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله وهو من أهل (4) الإيمان والهجرة فبايع ولا قوة إلا بالله فلما قرأ معاوية الكتاب وعنده جماعة من الناس قام جرير خطيبا فقال الحمد لله المحمود بالعوائد المأمول منه الزوائد المرتجى منه الثواب والمختشى منه العقاب المستعان على النوائب أحمده وأستعينه في الأمور التي تخير دونها الألباب
(١٢٨)