ملك علي العراق كله على رأس ستة أشهر من مقتل عثمان فلما بلغ معاوية وأهل الشام قتل طلحة والزبير وهزيمة أهل البصرة وظهور علي دعا معاوية أهل الشام إلى القتال والطلب بدم عثمان فبايع أهل الشام معاوية على ذلك أميرا غير خليفة فخرج علي على رأس أربعة عشر شهرا من مقتل عثمان بأهل العراق يؤم معاوية وأهل الشام وخرج معاوية بأهل الشام حتى التقوا بصفين فاقتتلوا بها قتالا شديدا لم تقتتل هذه الأمة مثله قط وغلب أهل العراق على قتلى أهل حمص وفيهم عبيد الله بن عمر بن الخطاب وذو الكلاع وحوشب وحابس بن سعد الطائي وغلب أهل الشام على قتلى أهل العالية وفيهم عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص وابنا بديل الخزاعي أخبرنا أبو عبد الله البلخي أنا أحمد بن الحسن بن خيرون أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم أنا أحمد بن إسحاق الطيبي نا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين نا أبو سعيد يحيى ابن سليمان الجعفي نا نصر بن مزاحم (1) نا عمر بن سعد الأسدي عن نمير بن وعلة عن عامر الشعبي أن عليا بعد قدومه الكوفة نزع جرير بن عبد الله البجلي عن همدان فأقبل جرير حتى قدم الكوفة على علي بن أبي طالب فبايعه ثم إن عليا أراد أن يبعث إلى معاوية بالشام رسولا وكتابا فقال له جرير يا أمير المؤمنين ابعثني إليه فإنه لم يزل لي مستنصحا وودا (2) فآتيه فأدعوه على أن يسلم هذا الأمر لك ويجامعك على الحق وأن يكون أميرا من أمرائك وعاملا من عمالك ما عمل بطاعة الله واتبع ما في كتاب الله وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وولايتك فإن جلهم قومي وقد رجوت ألا يعصوني فقال له الأشتر لا تبعثه ولا تصدقه فوالله إني لأظن هواه هواهم ونيته نيتهم فقال له دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا فبعثه علي إلى معاوية فقال له حين أراد أن يوجهه إن حولي من قد علمت من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أهل الدين والرأي وقد اخترتك عليهم لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيك من خير ذي يمن فائت معاوية بكتابي فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون وإلا فانبذ إليه على سواء وأعلمه أني لا أرضى به أميرا وإن العامة لا ترضى به خليفة فانطلق جرير حتى نزل بمعاوية فدخل عليه فقام جرير فحمد الله وأثنى عليه ثم
(١٢٧)