مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قال ما يسرني أن لي أحدا ذهبا (1) وأني أسخط بقضاء قضاه (2) الله بيننا قال فقبض (3) الغلام فغمضناه وذلك حين أخذ المؤذن في النداء لصلاة الظهر فقال معاذ عجلوا بجهازكم فما فجأنا إلا وقد غسله وكفنه وحنطه خارجا بسريره قد جاز به المسجد غير مكترث لجميع الجيران ولا لمشاهدة الإخوان وتلاحق الناس ثم قالوا أصلحك الله ألا انتظرتنا (4) نفرغ من صلاتنا ونشهد جنازة ابن أخينا فقال معاذ إنا نهينا أن ننتظر بموتانا ساعة من ليل أو نهار ما يزال أول الأذى (5) فيها من بقيا الجاهلية ثم نزل الحفرة هو وآخر فقلت الثالث يا معاذ فقال إنما يقول الثالث الذين لا يعلمون فناولته يدي لأعينه فأبى فقال والله ما أدع ذلك من فضل قوة ولكني أتخوف أن يظن الجاهل أن بي جزعا واسترخاء عند المصيبة ثم خرج فغسل رأسه ودعا بدهن فادهن ودعا بكحل فاكتحل ودعا ببردة فلبسها وقعد في مسجده فأكثر من التبسم والتكشير ليس به إلا ما ينوي من ذلك ثم قال إنا لله وإنا إليه راجعون في الله خلف من كل فائت وغنى من كل عزم وأنس من كل وحشة وعزاء من كل مصيبة رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (6) نبيا فقلنا وما ذلك يا أبا عبد الرحمن فقال وعظني خليلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما فقال يا معاذ من كان له ابن وكان عليه عزيزا وكان به ضنينا فأصيب به فاحتمل وصبر بمصيبته أنزل الله الميت دارا خيرا من داره وقرارا خيرا من قراره وأهلا خيرا من أهله وأوجب للمصاب المغفرة والهدى والرضوان والجوار في الجنة ومن أصابته مصيبة فخرق فيها ثوبا فقد خرق دينه ومزقه وبدده ومن لطم عليها وجها حرم الله عليه النظر إلى وجهه ومن دعا عليها ويلا احتجب الله من بين يديه يوم القيامة ومن سالت دمعته من عينه لا يملكها كتب الله مصيبته له ولا عليه [* * * *] ثم إن معاذا طعن في كفه عام عمواس فقبلها وقال حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم قلت يا معاذ هل ترى شيئا قال نعم شكر لي ربي حسن عزائي أتاني روح ابني يبشرني أن محمدا (صلى الله عليه وسلم) في مائة صف من الملائكة المقربين والشهداء والصالحين يصلون على
(٤٤٧)