جلس فأتاه آت فقال إن عبد الرحمن ابنك قد أصيب فأتاه يعوده فقال له ابنه يا أبه " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " قال (ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فلما مات ومات أهله واحدا واحدا طعن معاذ فلما عاده أصحابه بكى الحارث بن عميرة (1) الزبيدي قرية من قرى اليمن تدعى زبيدا (2) وهو عند معاذ فأفاق معاذ فقال ما يبكيك قال أبكي على العلم الذي يدفن معك قال إن كنت طالب العلم لا محالة فاطلبه من ثلاث من ابن أم عبد ومن عويمر يعني أبا الدرداء ومن سلمان الفارسي وإياك وزلة العالم (3) فإن على الحق نور يعرفه أخبرنا أبو الحسن الفرضي أنا أبو الحسن بن أبي الحديد (4) أنا أبو الحسين محمد ابن علي بن أبي الحديد المصري نا إبراهيم بن مرزوق نا مسلم بن إبراهيم نا همام بن قتادة ومطر الوراق عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال (5) وقع الطاعون بالشام فخطب الناس عمرو بن العاص فقال هذا الطاعون رجز ففروا منه في الأودية والشعاب فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فغضب فجاء يجر ثوبه ونعلاه بيده فقال صحبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ووفاة الصالحين قبلكم أو قال ممات الصالحين فبلغ ذلك معاذ بن جبل فقال اللهم اجعل نصيب آل معاذ الأوفر فماتت ابنتاه فدفنهما في قبر واحد فطعن ابنه عبد الرحمن فقال " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " فقال معاذ بن جبل " ستجدني إن شاء الله من الصابرين " قال فطعن معاذ على كفه فجعل يقبلها ويقول هي أحب إلي من حمر النعم فإذا سري عنه قال رب غم غمك فإنك تعلم أني أحبك قال (6) ورأى رجلا يبكي عنده فقال له ما يبكيك فقال ما أبكي على دنيا كنت أصيبها منك ولكن أبكي على العلم الذي كنت أصيبه منك قال فلا تبكه فإن إبراهيم " "
(٤٤٥)