أخبرنا أبو الفتح الفقيه حدثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن لفظه قال وقال أبو بكر محمد بن إسماعيل الفرغاني قدمنا مكة ونزلنا في دير قبل دمشق ونزل معنا قوم من أهل الدنيا ولهم رواء ومنظر وفي الدير قائم فيه راهب قال فرأيناهم وقد قدموا لأهل الدنيا خبزا أبيض وسمكا وجبنا وزيتونا وخلا وزيتا (1) أو أشياء ظريفة ونحن قعود من ناحية علينا خلقان ما يلتفتون إلينا ولا يعبأون بنا فلما فرغوا من إكرام أولياء أهل الدنيا قال الراهب قدموا لأولئك شيئا يأكلون فأحضروا لنا خبرا أسود وأحسبه قال وملحا أو عدسا (2) قال محمد بن إسماعيل فقلت لأولئك كلوا ولم آكل أنا والراهب ينظر إلي فقال لي يا مسلم لم لا تأكل فقلت له يا راهب أيما أجل عندكم أهل الدنيا أو (3) الزاهدون فيها قال لا بل الزاهدون فيها فقلت له كذبت فقال وكيف فقلت له أحضر لأهل الدنيا الخبز الأبيض والأدم (4) الطيب وأحضر للزهاد الخبز الأسود والأدم (5) الدون فتبينت أن أهل الدنيا في نفسك أجل من الزاهدين في الدنيا قال قلت له ما تقول في عيسى فقال ما تقول أنت فيه قال فقلت له بشر يأكل الطعام ويتغوط ويبول ويمشي في الأسواق فقال لي ما هو عندي بشر قال فقلت له وأيش دليل ذلك قال كان يأكل في كل أربعين يوما وبشر لا يقدر على هذا قال فقلت له وأنت في كم تأكل قال في كل عشرة أيام قال فقلت له ففي هذا الدير من يصبر مثلك فقال لا قال فقلت له هذه لقوة يقينك (6) وضعف يقين غيرك كذلك عيسى صبر أربعين يوما ولم تقدر أنت على ذلك لأنه نبي ولأنه أقوى يقينا منك ثم قلت له إن أقمت أنا عندك أربعين يوما (7) لم آكل ولم أشرف تؤمن أن عيسى بشر وأن الذي أنت عليه باطل فقال لي إن أقمت أربعين يوما لا تأكل ولا تشرب أسلمت قال محمد بن إسماعيل فأقمت حذاءه أربعين يوما فلما كان ويوم واحد وأربعين أشرب على بالغداة وقال لي يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا
(١١٨)