المخلفون (1) فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) علانيتهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله حتى جئت فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال لي تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن قد استمر ظهرك قال فقلت يا رسول الله إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني أخرج من سخطته بعذر لقد أعطيت جدلا ولكنه والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله يسخطك علي ولئن حدثتك (2) بصدق تجد علي فيه إني لأرجو قرة (3) عيني عفوا من الله والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أفرغ مني ولا أيسر مني حين تخلفت عنك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أما هذا فقد صدق (4) فقم حتى يقضي الله فيك فقمت وبادرت رجالا (5) من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله بما اعتذر به المخلفون (6) فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لك (7) قال والله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (8) فأكذب نفسي قال ثم قلت لهم هل لقي (9) هذا معي أحد قالوا نعم لقيه معك (10) رجلان قالا ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك قال فقلت لهما من هما قالوا مرارة بن الربيع العامري وهلال بن أمية الواقفي قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا لي فيهما أسوة قال فمضيت حين ذكروهما لي قال: ونهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس قال وتغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي كنت أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاسكتنا وقعدا في بيوتهما يبكيان وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم عليه فأقول
(١٩٨)