فقال محمد يا أبة أنت شيخ قريش وصاحب أمرها وإن تصرم هذا الأمر وأنت فيه خامل خملت فالحق بجماعة أهل الشام واطلب بدم عثمان فقال عمرو (1) أما أنت يا عبد الله فأمرتني بما هو خير لي في ديني وأما أنت يا محمد فأمرتني بما هو خير لي في دنياي فلما جن عليه الليل أرق في فراشه ذلك وجعل يتفكر فيما يريد أي الأمرين يأتي ثم أنشأ يقول * تطاول ليلي للهموم الطوارق * وخوف الليل (2) يجلو وجوه العوائق وإن ابن هند سائلي أن أزوره (3) * وتلك التي فيها عظام البوائق أتاه جرير من علي بخطة * أمرت عليها العيش ذات مضائق (4) فوالله ما أدري وما كنت هكذا * أكون ومهما أن أرى فهو سائق (5) أخادعه والخدع فيه دنية * أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق أم أقعد في بيتي وفي ذاك راحة * لشيخ يخاف الموت في كل شارق وقد قال عبد الله قولا تعلقت * به النفس إن لم (6) يعتلقني عوائق وخالفه فيه أخوه محمد * وإني لصلب الرأي عند الحقائق * فلما أصبح عمرو دعا غلامه وردان فقال ارحل يا وردان حط يا وردان مرتين أو ثلاثا فقال له وردان خلطت يا أبا عبد الله أما إنك إن شئت أنبأتك بما في نفسك قال هات قال اعترضت الدنيا والآخرة على قلبك فقلت علي معه الآخرة وفي الآخرة عوض من الدنيا ومعاوية معه الدنيا بلا آخرة وليس في الدنيا عوض من الآخرة فأنت متحير بينهما فقال له عمرو قاتلك الله (7) يا وردان والله ما أخطأت فما ترى قال أرى أن تقيم (8) في منزلك فإن ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك فقال له عمرو الآن حين شهرني الناس بمسيري أقيم فارتحل إلى معاوية
(١٦٨)