تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٤٤ - الصفحة ٣٩٧
حججت مع عمر آخر حجة حجها فبينا نحن واقفون معه على جبل عرفة صرخ رجل فقال يا خليفة فقال رجل من لهب وهو حي من أزد شنوءة يعتافون (1) مالك قطع الله لهجتك (2) وقال عقيل لهاتك والله لا يقف عمر على هذا الجبل بعد هذا العام أبدا قال جبير فوقعت بالرجل اللهبي فشتمته حتى إذا كان الغد وقف عمر وهو يرمي الجمار فجاءت عمر حصاة عائرة (3) من الحصى الذي يرمي به الناس فوقعت في رأسه ففصدت عرقا من رأسه فقال رجل أشعرت ورب الكعبة لا يقف عمر على هذا الموقف أبدا بعد هذا العام قال جبير فذهبت التفت إلى الرجل الذي قال ذلك فإذا هو اللهبي الذي قال لعمر على جبل عرفة ما قال أخبرنا أبو القاسم الحافظ أنا مكي بن منصور أنا أبو الحسين بن بشران نا إسماعيل الصفار نا الرمادي نا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال إنا لواقفون مع عمر على الجبل بعرفة إذ سمعت رجلا يقول يا خليفة فقال أعرابي خلفي من لهب (4) ما لهذا الصوت قطع الله لهجته والله لا يقف أمير المؤمنين بعد هذا العام ها هنا أبدا قال فشتمته وآذيته فلما رمينا الجمرة مع عمر أقبلت حصاة فأصابت رأسه ففتحت عرقا من رأسه فقال رجل أشعر أمير المؤمنين لا والله لا يقف بعد العام أبدا قال فالتفت فإذا هو ذلك اللهبي قال فوالله ما حج عمر بعدها أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر أنا أبو حامد أحمد بن الحسن أنا أبو سعيد بن حمدون أنا أبو حامد بن الشرقي نا محمد بن يحيى الذهلي نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد نا أبي عن ابن شهاب (5) أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة حدثه عن أمه أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق أنها أخبرته أن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) أخبرتها أن عمر بن الخطاب أذن لأزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

(١) يعتافون، من العيافة، وهي زجر الطير.
(٢) اللهجة: اللسان.
(٣) الأصل و " ز ": غائرة، والمثبت عن م. والحصاة العائرة: تلك التي لا يدرى من رماها.
(٤) ضبطت لهب بكسر اللام وسكون الهاء عن أسد الغابة.
(٥) من هذه الطريق رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٣ / ٣٣٣ - ٣٣٤ و ٣٧٤ (الخبر والابيات)، وعن ابن سعد في تاريخ الخلفاء ص ١٦٨ - ١٦٩ والاستيعاب ٢ / 473 (هامش الإصابة).
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»