كنت أحج على قدمي حجات فنفذ زادي مرة وضعفت فاستقرضت من إنسان فأعطاني كفا فما كفاني ومضى بعد ذلك علي يومان فأيست من نفسي واستسلمت للموت فإذا بسواد قد لاح لي مقبلا إلي فحدقت النظر نحوه وإذا أنا بامرأتين على ناقتين وقد مدتا أيديهما بيد كل واحدة منهما قعب فيه لبن فأخذت أحدهما وشربت فبكت الأخرى فقلت لها ما لك تبكين فقالت تسابقنا إلى البر فسبقتني فقلت لها أعطني (1) فإني أشرب أيضا فما شبعت فقالت هيهات ومن لي بري عظامك قال لنا أبو محمد بن الأكفاني توفي أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي الحافظ رحمه الله بمكة لخمس خلون من ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة وكان يذكر أن مولده سنة خمس أو ست وخمسين وثلاثمائة شك في ذلك كذا ذكر شيخنا الإمام الحافظ أبو بكر الخطيب رحمه الله وكذا رأيته بخط أبي عبد الله الحميدي رحمه الله وكان أحد الحفاظ الأثبات وكان علي مذهب مالك بن أنس رحمة الله عليه في الفروع ومذهب أبي الحسن في الأصول أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني حدثني الشيخ أبو علي الحسين بن أحمد بن أبي حريصة قال بلغني أن أبا ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ رحمه الله توفي في شهور سنة أربع وثلاثين وأربعمائة وكان مقيما بمكة وبها مات وكان على مذهب مالك وعلى مذهب أبي الحسن الأشعري (2) أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الجرباذقاني (3) بهراة أنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الواعظ قال سمعت أبا القاسم عبد الكريم بن ميتاس الحرار الصوفي البوسنجي يقول تركت أبا ذر حيا بمكة وخرجت إلى فارس فنعي إلينا مات سنة أربع وثلاثين هو والفقيه الشهرزوري في عام
(٣٩٣)