سمعت عبد الله (1) بن صالح بعد إخراج المخلوع (2) له من حبس الرشيد وقد ذكر ظلم الرشيد غياه وحبسه له على التهمة والحسد يقول والله إن الملك لشئ ما تمنيته ولا نويته ولا قصدت إليه ولا ابتغيته ولو أردته لكان أسرع إلي من السيل إلى الحدود ومن النار في يبس العرفج (3) وإني لمأخوذ بما لم أجن ومسؤول عما لا أعرف ولكنه حين رآني للملك قمنا وللخلافة خطرا ورأي لي يدا تنالها إذا مدت وتبلغها إذا بسطت ونفسا تكمن بخصالها وتستحقها بخلالها وإن كنت لم أختر تلك الخصال ولم أترشح لها في سر ولا أشرت إليها في جهر ورآها تحن إلى حنين الوالد وتميل نحوي ميل الهلوك وحاذر أن ترغب إلى خير مرغوب وتنزع إلى خير منزوع عاقبني من قد سهر في طلبها ونصب في التماسها وتقدر لها بجهده وتهيأ لها بكل حيلته فأن كان حبسني على أني أصلح لها وتصلح لي وأليق بها وتليق بي فليس ذلك بذنب فأتوب منه ولا جرم فارجع عنه ولا تطاولت لها فأحتسب ولا تصديتها فأحيد عنها فإن زعم أنه لا صرف لعقابه ولا نجاة من إغضابه إلا بأن أخرج له من الحلم والعلم وأتبرأ إليه من الحزم والعزم فكما لا يستطيع المضياع أن يكون حافظا ولم يملك العاجز أن يكون حازما كذلك العاقل لا يكون جاهلا ولا يكون الذكي بليدا وسواء عاقبني على شرفي وجمالي أو على محبة الناس إياي ولو أردتها لأعجلته عن التفكير شفلته عن التدبير ولما كان من الخطاب إلا اليسير ومن بذل الجهد إلا القليل غير أني والله والله شهيد لي أرى السلامة من تبعاتها غنما والخف من أوزارها حظا والسلام على من أتبع الهدى كذا كان في الأصل والصواب عبد الملك بن صالح لأنه هو الذي كان في السجن فأما عبد الله بن صالح أخوه فأنه مات سنة ست وثمانين ومائة قبل موت الرشيد ولاية محمد المخلوع بأعوام أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن أنا أبو الحسن السيرافي أنا أحمد بن إسحاق نا أحمد بن عمران نا موسى نا خليفة قال
(٣٣)