الربعي نا إسحاق الموصلي قال كان جعفر بن يحيى يقول لإخوانه لا يشغلني عنكم إلا ما يشغلني عن نفسي فإذا تخليت من الخدمة فإليكم أرجع فإن السلطان السلطان لا يبقى لي وأنتم تبقون لي ما بقيت لكم تعالوا نتفرج يومنا هذا فنتضمخ بالخلوق ونلبس ثياب الحرير ونفعل ونفعل فاجابه إخوانه وصنعوا ما صنع وتقدم إلى حاجبه في حفظ الباب إلا من عبد الملك بن بجران (1) كاتبه فوقع في أذن الحاجب عبد الملك وبلغ عبد الملك بن صالح مقام جعفر في منزله فركب فوجد الحاجب عبد الملك قد حضر فقال له يؤذن وهو يظن ابن بجران فدخل عبد الملك في سواده ورصافيته فلما رآه جعفر أسود وجهله وكان عبد الملك لا يشرب النبيذ وهو كان سبب موجده الرشيد عليه فوقف عبد الملك ودعا غلامه فناوله قلنسوته وسواده وقال افعلوا بنا ما فعلتم بأنفسكم ففعل ودعا برطل فشرب وقال جعلني الله فداك والله ما شربته قبل اليوم فإن رأيت أن تأمر بالتخفيف فدعا برطليه فوضعت بين يديه وجعل كلما فعل من ذلك شيئا سري عن جعفر فلما أراد الانصراف قال له جعفر سل حاجتك فيما تحيط به مقدرتي مكافأة لما صنعت قال إن في قلب أمير المؤمنين هنة فنسأله الرضا عني رضى صرفا قال قد رضي عنك قال وعلي أربعة الف ألف درهم دين تقضيها عني قال والله إنها عندي لحاضرة ولكن تقضى من مال أمير المؤمنين فإنه أنبل لك وأحب إليك قال وإبراهيم ابني أحب أن أشد ظهره بصهر من أولاد الخلافة قال فقد زوجه أمير المؤمنين ابنته العالية قال وأحب أن يخفق اللواء على رأسه قال قد ولاه أمير المؤمنين بلاد مصر وانصرف عبد الملك ونحن نتعجب من إقدام جعفر على قضاء حوائجه من غير استئذان وقلنا لعله يجاب إلى ما سأل فكيف بالتزويج فلما كان من الغد وقفنا بباب الرشيد ودخل جعفر فلم يلبث أن دعي بأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن وإبراهيم بن عبد الملك فخرج إبراهيم وقد خلع عليه وغفر له وزوج وحملت البدر إلى منزل عبد الملك وخرج جعفر فأشار إلينا باتباعه ثم قال لنا تعلقت قلوبكم بأول عبد الملك فأحببتم علم آخره إني لما دخلت على أمير المؤمنين سألني عن خبر يومي فأخبرته حتى انتهيت إلى خبر عبد الملك فجعل يقول
(٢٧)