كتب أصحاب الحديث إلى صنعاء إلى عبد الرزاق قد أتاك حفاظ الحديث فانظر كيف يكون أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة زهير بن حرب فلما قدمنا صنعاء غلق الباب عبد الرزاق ولم يفتحه لأحد إلا لأحمد بن حنبل لديانته فدخل فحدثه بخمسة وعشرين حديثا ويحيى بن معين هذا جالس (1) فلما خرج قال يحيى لأحمد أرني ما حدثك فنظر فيها فخطأ الشيخ في ثمانية عشر حديثا فلما سمع أحمد بالخطأ رجع فأراه مواضع الخطأ وأخرج عبد الرزاق الأصول فوجده كما قال يحيى ففتح الباب فقال ادخلوا وأخذ مفتاح بيت فسلمه إلى أحمد بن حنبل وقال هذا البيت ما دخلته يد غيري منذ ثمانين سنة أسلمه إليكم بأمانة الله على أنكم لا تقولوني (2) ما لم أقل ولا تدخلوا علي حديثا من حديث غيري ثم أومأ إلى أحمد فقال أنت أمين الله على نفسك وعليهم قال فأقاموا عنده حولا فلما انصرفوا بلغهم أن بالمدينة شيخا بدويا عنده خمسون (3) حديثا في صحيفة فجاء يحيى فأخذ الصحيفة وجلس يكتب حديثا من حديثه وحديثين من حديث غيره وحديثا من حديثه ثم مزجها كلها ثم جاء ليقرأ فكان إذا مر على الشيخ حديثه عده فإذا مر على أذنه حديث غيره قال بيده هكذا وأشار بيده لا قال فلم يزل حتى انتقاها فما مر عليه حرف ثم أجال نظره في وجوه القوم وهو يومئذ لا يعرفهم فوقعت عينه (4) على أحمد بن حنبل فقال أما أنت فلا تستحل أن تقل (5) مثل هذا ثم وقعت عينه علي يقول زهير فقال أما أنت فلا تحسن أن تعمل (6) مثل هذا وأومأ بيده إلى يحيى بن معين ثم رفع (7) رجليه فصك بها صدره فأقلبه على قفاه فقال لا تعد لمثل هذا قال يحيى ما بردها على الكبد من مثله إذ لم يذهب عليه حرف من حديثه أخبرنا أبو المظفر بن القشيري وأبو القاسم زاهر بن طاهر قالا أنا أبو عثمان البحيري أنا الشيخ أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن زريق المخزومي بمكة نا عبد الله بن الحسين بن جمعة من حفر بدمشق نا الحسن بن جرير نا علي بن هاشم قال قال عبد الرزاق
(١٧٦)