فقال المأمون هذا والله الشعر لا قول الذي يقول ألا هبي بسلحك فأبطحينا وأمر للغلام بأربعة آلاف درهم أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم أنا رشأ بن نظيف أنا الحسن بن إسماعيل أنا أحمد بن مروان نا الحسن بن علي الربعي قال سمعت يحيى بن أكثم يقول خطب المأمون يوم الجمعة (1) فقال بعد الثناء على الله عز وجل والصلاة على نبيه (صلى الله عليه وسلم) أوصيكم عباد الله بتقوى الله وحده والعمل لما عنده والتنجز لوعده والخوف لوعيده فإنه لا يسلم إلا من اتقاه ورجاه وعمل له وأرضاه اتقوا الله عباد الله وبادروا آجالكم بأعمالكم وابتاعوا ما يبقى لكم بما (2) يزول عنكم ويفنى وترحلوا عن الدنيا (3) فقد جد بكم واستعدوا للموت فقد أظلكم وكونوا قوما صيح (4) بهم فأسمعوا (5) واعلموا أن الدنيا ليست لكم بدار (6) فاستبدلوا فإن الله لم يخلقكم عبثا ولم يترككم سدى وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به وإن غاية تنقصها (7) اللحظة وتهدمها (8) الساعة جديرة (9) بنقص المدة وإن غائبا يحدوه الجديدان الليل والنهار لجري بسرعة الأوبة وإن قادما يحل بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة فاتقى عبد ربه ونصح نفسه وقدم توبته وغلب شهوته فإن أجله مستور عنه وأمله خادع له والشيطان موكل به يزين له المعصية ليركبها ويمنيه التوبة ليسوفها حتى تهجم عليه منيته أغفل ما يكون عنها فيا لها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه إلى شقوة فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم فيمن لا تبطره نعمته ولا تقصر به عن طاعته ولا يحل به بعد الموت حسرة (10) إنه سميع الدعاء وبيده الخير وإنه فعال لما يريد قال ونا يحيى بن أكثم قال (11)
(٣٠٠)