الراشدين المهديين إن لم يكن الخمر فيها فإنك تعلم أن الخمر من ستر الله على عباده وأنه لا يجوز لك أن تشهد على قوم مستورين إلا بمعاينة (1) وعلم ولا يجوز لي أن آخذ إلا بمعاينة بينة وشاهدي عدل قال قال فنظر صاحب الكفن إلى القوارير فقال عجيف أيها الرجل لو كنت خمارا ما عرفت موضع الخمر بعينها من هذه القوارير فقال له هذه الخمر بعينها من هذه القوارير فأخذ المأمون القارورة فذاقها ثم قطب ثم قال يا صاحب الكفن انظر إلى هذه الخمر فتناول الرجل القارورة فذاقها فإذا خل ذابح فقال قد خرجت هذه عن حد الخمر فقال المأمون صدقة إن الخل مصنوع من الخمر ولا يكون خلا حتى يكون خمرا ولا والله ما كانت هذه خمرا قد وما هو إلا رمان حامض يعصر لي أصطبغ من ساعته فقد سقطت الجارحتان وبقي الشم يا عجيف صيرها في رصاصيات وائت بها قال ففعل فعرضت على صاحب الكفن فشمها فوقع شمه (2) على قارورة منها فيها ميبختج (3) فقال هذه فأخذها المأمون فصبها بين يديه وقال انظر إليها كأنها طلاء قد عقدتها النار بل تقطع بالسكين قد سقطت إحدى الثلاث التي أنكرت يا صاحب الكفن ثم رفع المأمون رأسه إلى السماء فقال اللهم إني أتقرب إليك بنهي هذا ونظرائه على الأمر بالمعروف يا صاحب الكفن أدخلك الأمر بالمعروف في أعظم المنكر شنعت على قوم باعوا من هذا الخل ومن هذا الميبختج (4) الذي شممت فلم تسلم استغفر الله من ذنبك هذا العظيم وتب إليه ما الثاني قال الجواري قال صدقت أخرجتهن أبقي عليك وعلى المسلمين كرهت أن تراهن عيون العدو والجواسيس في العماريات والقباب والسجف (5) عليهن فيتوهمون أنهن بنات أو أخوات فيجدون في قتالنا ويحرصون على الغلبة على ما في أيدينا حتى يجتذبوا خطام واحد من هذه الإبل يستقيدونه (6) كل طريق إلى أن يتبين لهم أنهن إماء فأمرت برفع الظلال عنهن وكشف شعورهن فعلم العدو أنهن إماء نقي بهن حوافر دوابنا لا قدر لهن عندنا هذا تدبير دبرته للمسلمين ويعز علي أن ترى لي حرمة فدع هذا فليس هو من شأنك فقد صح عندك أني في هذا مصيب وأنك أنكرت باطلا أي شئ الثالثة قال الأمر بالمعروف قال نعم أريتك لو أنك أصبت فتاة مع فتى قد اجتمعا في هذا الفج على حديث ما كنت صانعا
(٣٠٤)